نقف على شَيْء مِنْهَا رَحمَه الله ثمَّ عيد السُّلْطَان عيد الْفطر من هَذِه السّنة بزبيدة من بِلَاد زعير وَلم يدْخل رِبَاط الْفَتْح على قربه مِنْهَا ووفدت عَلَيْهِ هُنَالك قبائل الْمغرب وَأهل الْأَمْصَار فَشَهِدُوا الْعِيد مَعَه وَأَجَازَهُمْ وكساهم على الْعَادة وَلما فرغ من أَمر الْعِيد عين عَامل رِبَاط الْفَتْح وَهُوَ الْقَائِد أَبُو مُحَمَّد عبد السَّلَام بن مُحَمَّد السُّوسِي وَعين الْحَاج عبد الْكَرِيم بن أَحْمد بريشاء التطاوني والحاج مُحَمَّد بن عبد الرَّزَّاق ابْن شقرون الفاسي للذهاب إِلَى مادريد دَار ملك الإصبنيول بِقصد السفارة عَنهُ إِلَى دولتهم والمكافأة لَهُم على مَجِيء باشدورهم حَسْبَمَا مر التَّنْبِيه عَلَيْهِ فَفَعَلُوا وعادوا بِحَيْثُ أدركوا عيد الْأَضْحَى من السّنة مَعَ السُّلْطَان أعزه الله بمراكش ثمَّ نَهَضَ السُّلْطَان بعد عيد الْفطر من زبيدة يؤم الْبِلَاد المراكشية فاجتاز بتادلا وَسكن قبائلها وأوقع ببني عُمَيْر وَقبض مِنْهُم على مَا يناهز أَرْبَعمِائَة مسجون سيقت فِي السلَاسِل والأغلال إِلَى السجْن وفر بَنو مُوسَى إِلَى رُؤُوس الْجبَال حَتَّى اسْتَنْزَلَهُمْ السُّلْطَان على الْأمان ودخلوا فِي الطَّاعَة والتزموا الْخدمَة ثمَّ نَهَضَ السُّلْطَان أيده الله إِلَى مراكش فَدَخلَهَا فِي عشر ذِي الْحجَّة من السّنة فَكَانَ بهَا عيد لم يعْهَد النَّاس مثله مُنْذُ قديم وَكتب إِلَى الْآفَاق يعلم النَّاس بِمَا من الله بِهِ من النَّصْر والتأييد وَالْفَتْح والعز المديد وَأقَام السُّلْطَان بمراكش فِي هَذِه الْمرة مُدَّة طَوِيلَة إِلَى أَن كَانَ من أمره مَا نذكرهُ
ثمَّ دخلت سنة خمس وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَألف فَكَانَت هَذِه السّنة من أَشد السنين على الْمُسلمين قد تعدّدت فِيهَا المصائب والكروب وتلونت فِيهَا النوائب والخطوب لَا أَعَادَهَا الله عَلَيْهِم فَكَانَ فِيهَا أَولا غلاء الأسعار وَكَانَ منشأه وابتداؤه من تثقيف السِّكَّة فِي آخر السّنة الْمَاضِيَة ثمَّ عقب ذَلِك انحباس الْمَطَر لم تنزل من السَّمَاء قَطْرَة وأجيحت النَّاس وَهَلَكت الدَّوَابّ والأنعام وعقب ذَلِك الْجُوع ثمَّ الوباء على ثَلَاثَة أَصْنَاف كَانَت أَولا بالإسهال والقيء فِي أوساط النَّاس بادية وحاضرة ثمَّ كَانَ الْمَوْت بِالْجُوعِ فِي أهل الْبَادِيَة خَاصَّة هلك مِنْهُم الجم الْغَفِير وَكَانَ إخْوَانهمْ يحفرون على من دفن مِنْهُم لَيْلًا ويستلبونهم من أكفانهم عثر بسلا على عدد مِنْهُم وَأمر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute