وابتدأ الْعَمَل فِي هَذِه الصومعة يَوْم الِاثْنَيْنِ غرَّة رَجَب سنة أَربع وَأَرْبَعين وثلاثمائة وَفرغ من بنائها فِي شهر ربيع الآخر سنة خمس وَأَرْبَعين وثلاثمائة
وَركب فِي أَعلَى المنارة سيف الإِمَام إِدْرِيس بن إِدْرِيس تبركا بِهِ وَذَلِكَ أَن بعض حفدة إِدْرِيس رَحمَه الله تنازعوا فِي السَّيْف الْمَذْكُور وَأَرَادَ كل أَن يحوزه لنَفسِهِ فَقَالَ لَهُم الْأَمِير أَحْمد بن أبي بكر هَل لكم فِي أَن تبيعوني هَذَا السَّيْف قَالُوا وَمَا تصنع بِهِ قَالَ أجعله فِي أَعلَى المنارة فَقَالُوا أما إِذا أردْت هَذَا فَنحْن نهبه لَك مجَّانا فوهبوه لَهُ فَرَكبهُ فِي أَعلَى المنارة
وَكَانَت مَبْنِيَّة من الْحجر المنجور وفيهَا ثقب يعشش فِيهَا الطير من الْحمام والزرزور وَغَيرهمَا ويتأذى الْمَسْجِد وَالنَّاس بهَا وَاسْتمرّ الْحَال على ذَلِك إِلَى أَن كَانَت سنة ثَمَان وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة أَيَّام السُّلْطَان يُوسُف بن يَعْقُوب بن عبد الْحق المريني فَاسْتَأْذن القَاضِي أَبُو عبد الله بن أبي الصَّبْر السُّلْطَان يُوسُف الْمَذْكُور فِي تلبيس المنارة وتبييضها فَأذن لَهُ فلبسها وبيضها ودلكها حَتَّى صَارَت كالمرآة الصقلية
وَفِي أَيَّام يحيى بن مُحَمَّد صَاحب التَّرْجَمَة وَذَلِكَ فِي سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ قَامَ رجل مُؤذن بِنَاحِيَة تلمسان يَدعِي النُّبُوَّة وَتَأَول الْقُرْآن على غير وَجهه فَاتبعهُ خلق كثير من الغوغاء
وَكَانَ من بعض شرائعه أَنه ينْهَى عَن قصّ الشّعْر وتقليم الْأَظْفَار ونتف الإبطين والاستحداد وَأخذ الزِّينَة وَيَقُول لَا تَغْيِير لخلق الله فَأمر أَمِير