وَصَارَ الْمغرب الْأَقْصَى فِي ملكه العبيديين واندرجت دولة الأدراسة فِي دولتهم فَكَانَ مُوسَى بن أبي الْعَافِيَة بعد ذهَاب مصالة كلما أَرَادَ الظُّهُور بالمغرب والاستبداد بِهِ غمره يحيى بن إِدْرِيس بِحَسبِهِ وَنسبه وفضله وَدينه فَقطع بِهِ كلما كَانَ يُريدهُ فَكَانَ على قلب مُوسَى مِنْهُ حمل ثقيل فَلَمَّا قدم مصالة الْمغرب فِي كرته الثَّانِيَة وَذَلِكَ سنة تسع وثلاثمائة سعى مُوسَى بن أبي الْعَافِيَة عِنْده بِيَحْيَى للقائه وَالسَّلَام عَلَيْهِ فِي جمَاعَة من وُجُوه دولته فَقبض مصالة عَلَيْهِم وَقيد بِيَحْيَى بالحديد وَتقدم إِلَى فاس فَدَخلَهَا وَيحيى بَين يَدَيْهِ موثقًا على جمل ثمَّ عذبه بأنواع الْعَذَاب حَتَّى استصفى أَمْوَاله وذخائره ثمَّ نَفَاهُ إِلَى نواحي آصيلا وَقد ساءت حَاله وانفض جمعه فَأَقَامَ عِنْد بني عَمه بِبِلَاد الرِّيف مُدَّة فَأَعْطوهُ مَالا ووصلوه بِمَا يُقيم بِهِ أوده ويستعين بِهِ على أمره فَلم يرض ذَلِك وارتحل عَنْهُم يُرِيد إفريقية فَعرض لَهُ مُوسَى بن ابي الْعَافِيَة فِي طَريقَة فَقبض عَلَيْهِ وسجنه بِمَدِينَة آلكاي قَرِيبا من عشْرين سنة ثمَّ اطلقه بعد ذَلِك قَالُوا وَكَانَ أَبوهُ إِدْرِيس بن عمر قد دَعَا عَلَيْهِ أَن يميته الله جائعا غَرِيبا فاستجيب لَهُ فِيهِ فَخرج يحيى من سجن ابْن أبي الْعَافِيَة إِلَى إفريقية وَهُوَ فِي فقر وذلة قد بلغ سوء الْحَال مِنْهُ كل مبلغ فوصل إِلَى المهدية على تِلْكَ الْحَال فَوَافَقَ بهَا فتْنَة أبي يزِيد مخلد بن كيداد اليفرني وحصاره إِيَّاهَا فَمَاتَ بهَا جائعا غَرِيبا سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وثلاثمائة رَحمَه الله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute