وَكَانَ نُزُوله على فاس سنة تسع وَأَرْبَعين وثلاثمائة فحاصرها وأدار بهَا الْقِتَال من كل جِهَة قَرِيبا من نصف شهر ثمَّ اقتحمها عنْوَة بِالسَّيْفِ على يَد زيري بن مُنَاد الصنهاجي فَإِنَّهُ تُسنم أسوارها لَيْلًا ودخلها فَقتل بهَا خلقا كثيرا وَقبض على أميرها أَحْمد بن أبي بكر الزناتي الَّذِي ولاه النَّاصِر عَلَيْهَا وَنهب الْمَدِينَة وَقتل حماتها وشيوخها وسبى أَهلهَا وَهدم أسوارها وَكَانَ الْحَادِث بهَا عَظِيما وَكَانَ دُخُول جَوْهَر إِيَّاهَا ضحوة يَوْم الْخَمِيس الموفي عشْرين من رَمَضَان سنة تسع وَأَرْبَعين وثلاثمائة
ثمَّ سَار جَوْهَر فِي بِلَاد الْمغرب يقتل أَوْلِيَاء المروانيين وَيَسْبِي وَيفتح الْبِلَاد والمعاقل وخافته البربر وفرت أَمَامه قبائلها فأنفذ الْأَمر فِي الْمغرب الْأَقْصَى ثَلَاثِينَ شهرا وانْتهى إِلَى الْبَحْر الْمُحِيط وصاد من سمكه وَجعله فِي قلال المَاء وأرسله إِلَى مَوْلَاهُ الْمعز ثمَّ انْصَرف رَاجعا بعد أَن دوخ الْبِلَاد وأثخن فِيهَا وَقتل حماتها وَقطع دَعْوَة المروانيين مِنْهَا وردهَا إِلَى العبيديين فَخَطب لَهُم على جَمِيع مَنَابِر الْمغرب وانْتهى الْقَائِد جَوْهَر إِلَى المهدية دَار الْمعز لدين الله وَقد حمل مَعَه أَحْمد بن أبي بكر اليفرني أَمِير فاس وَخَمْسَة عشر رجلا من أشياخها وَحمل أَيْضا مُحَمَّد بن أبي الْفَتْح أَمِير سجلماسة وَدخل بهم أُسَارَى بَين يَدَيْهِ فِي أقفاص من خشب على ظُهُور الْجمال وَجعل على رؤوسهم قلانس من لبد مستطيلة منبتة بالقرون فطيف بهم فِي بِلَاد إفريقية وأسواق القيروان ثمَّ ردوا إِلَى المهدية وحبسوا بهَا حَتَّى مَاتُوا فِي سجنها