لم تزل ذُرِّيَّة مُحَمَّد بن خزر هَذَا تتوارث رياسة سلفهم من بعدهمْ إِلَى أَن كَانَ مِنْهُم فِي صدر الْمِائَة الرَّابِعَة أَرْبَعَة اخوة وهم مُحَمَّد بن خزر وَعبد الله بن خزر ومعبد بن خزر وفلفل بن خزر وَكلهمْ رَئِيس شرِيف فِي قومه وَلَهُم أَخْبَار مَعَ خلفاء الشِّيعَة بإفريقية والمروانيين بالأندلس يطول ذكرهَا مَعَ أَنَّهَا لَيست من موضوعنا
وَلما كَانَت سنة تسع وَسِتِّينَ وثلاثمائة زحف بلكين بن زيري بن مُنَاد الصنهاجي صَاحب إفريقية بعد العبيديين إِلَى الْمغرب الْأَقْصَى وأناخ على مدينتي فاس وَقتل عامليها مُحَمَّد بن أبي عَليّ بن قشوش صَاحب عدوة الْقرَوِيين وَعبد الْكَرِيم بن ثَعْلَبَة صَاحب عدوة الأندلس وَاسْتعْمل عَلَيْهَا مُحَمَّد بن عَامر المكناسي وأجفلت مُلُوك زناتة من بني خزر المغراويين وَبني مُحَمَّد بن صَالح اليفرنيين أَمَامه وانحازوا جَمِيعًا إِلَى سبتة
وَعبر مُحَمَّد بن الْخَيْر من آل خزر الْبَحْر إِلَى الْمَنْصُور بن أبي عَامر صريخا فَخرج الْمَنْصُور فِي عساكره إِلَى الجزيرة الخضراء مُمِدًّا لَهُم بِنَفسِهِ وَعقد لجَعْفَر بن عَليّ بن حمدون على حَرْب بلكين الصنهاجي وَأَجَازَهُ الْبَحْر وأمده بِمِائَة حمل من المَال فاجتمعت إِلَيْك مُلُوك زناتة وضربوا مَصَافهمْ بِسَاحَة سبتة وَجَاء بلكين الصنهاجي حَتَّى صعد جبال تطوان وتنسم هضابها وأطل على عَسَاكِر زناتة وَأهل الأندلس بِسَاحَة سبتة فَرَأى مَا لَا قبل لَهُ بِهِ وَيُقَال إِنَّه لما عاين ذَلِك قَالَ هَذِه أَفْعَى فغرت إِلَيْنَا فاها وكر رَاجعا على عقبَة فاجتاز على مَدِينَة الْبَصْرَة وَكَانَ بهَا حامية أهل الأندلس وَبهَا يَوْمئِذٍ عمَارَة عَظِيمَة فَهَدمهَا ثمَّ صَمد إِلَى برغواطة بِبِلَاد تامسنا فجاهدهم وَقتل ملكهم عِيسَى بن أبي الْأَنْصَار وَاسْتولى على الْمغرب