وَكتب إِلَى كل من بعث إِلَيْهِ الْجنُود من الْمُرْتَدين كتابا وَاحِدًا أَيْضا وَجعله فِي نسخ مُتعَدِّدَة بيد رسل تقدمُوا أَمَام الْأُمَرَاء يَأْمُرهُم فِيهِ بالتمسك بِكَلِمَة الْإِسْلَام وينهاهم عَن الارتداد ويحذرهم عاقبته وَسُوء أَثَره تركنَا ذكره اختصارا وَكَانَ أول مَا بَدَأَ بِهِ خَالِد بن الْوَلِيد رَحمَه الله من الْقِتَال قتال طليحة بن خويلد الْأَسدي أَسد خُزَيْمَة وَكَانَ كَاهِنًا وَادّعى النُّبُوَّة فِي حَيَاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَتَبعهُ أفاريق من قومه بني أَسد وَمن غَيرهم فَوجه إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ضرار بن الْأَزْوَر ليقاتله فَبَيْنَمَا ضرار يُرِيد مناجزته إِذْ ورد عَلَيْهِ الْخَبَر بوفاة رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ففت ذَلِك فِي عضد ضرار وانكفأ رَاجعا بِمن مَعَه من الْمُسلمين إِلَى الْمَدِينَة وَعظم أَمر طليحة حِينَئِذٍ واستطار شرره وانضمت إِلَيْهِ غطفان وَبَعض طييء وأخلاط من الْعَرَب على مَاء من مياه بني أَسد يُقَال لَهُ بزاخة فَسَار إِلَيْهِم خَالِد رَحمَه الله فأوقع بهم وقْعَة شنعاء فل بهَا جمعهم وَقتل من قتل مِنْهُم وَنَجَا طليحة إِلَى الشَّام بِرَأْس طمرة ولجام وَبَقِي هُنَاكَ إِلَى أَن أسلم وَحسن إِسْلَامه وَكَانَت لَهُ فِي قتال فَارس وَالروم زمَان الْفَتْح الْيَد الْبَيْضَاء ثمَّ تتبع خَالِد رَحمَه الله أهل الرِّدَّة قَبيلَة قَبيلَة وجمعا جمعا فَقتل وَحرق ورضخ بِالْحِجَارَةِ وَرمى من رُؤُوس الْجبَال وأبلغ فِي النكاية بِكُل وَجه فخشعت نفوس الْمُرْتَدين وخامر قُلُوبهم الرعب وَقوم اعواججهم الطعْن وَالضَّرْب حَتَّى راجعوا الْإِسْلَام كرها وَكَانَ من اعظمهم شَوْكَة وأشدهم قُوَّة بَنو حنيفَة قوم مُسَيْلمَة الْكذَّاب وَكَانَ موطنهم بِالْيَمَامَةِ وَهِي بِلَاد وَاسِعَة ذَات نخل وَزرع على أَرْبَعَة أَيَّام من مَكَّة وَكَانَ مُسَيْلمَة هَذَا قد قدم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فيوفد بني حنيفَة فَأسلم ثمَّ ارْتَدَّ وَادّعى النُّبُوَّة اسْتِقْلَالا ثمَّ مُشَاركَة مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَشهد لَهُ بذلك الرِّجَال بن عنفوة أحد أَشْرَاف بني حنيفَة وَكَانَ قد هَاجر إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَأقَام عِنْده وَقَرَأَ الْقُرْآن وتفقه فِي الدّين فَلَمَّا ارْتَدَّ مُسَيْلمَة بَعثه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم معلما لأهل الْيَمَامَة ومشغبا عَن مُسَيْلمَة فَكَانَ من أعظم الْفِتَن على بني حنيفَة فَإِنَّهُ شهد لمُسَيْلمَة بِالنُّبُوَّةِ وَاتبعهُ على شَأْنه وَصَارَ مُؤذنًا لَهُ يشْهد لَهُ بالرسالة بعد رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَعظم شَأْنه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute