وَلما وصل إِلَى الْمعز بن زيري الْعَهْد بولايته على الْمغرب مَا عدا كورة سجلماسة فَإِنَّهَا كَانَت لبني خزرون بن فلفل ضم نشره وثاب إِلَيْهِ نشاطه وَبث عماله فِي جَمِيع كور الْمغرب وجبا خراجها لم تزل ولَايَته متسقة وَطَاعَة رعاياه منتظمة إل إِلَى افترق أَمر الْجَمَاعَة بالأندلس واختل رسم الْخلَافَة بهَا فاضطرب أَمر الْمغرب على الْمعز وَأقَام على ذَلِك إِلَى أَن هلك سنة سبع عشرَة وَأَرْبَعمِائَة كَذَا عِنْد ابْن خلدون
وَفِي القرطاس لم تزل بِلَاد الْمغرب أَيَّام الْمعز فِي غَايَة الْهُدْنَة والعافية والرخاء والأمن إِلَى أَن توفّي فِي جُمَادَى الأولى سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وَأَرْبَعمِائَة وَالله أعلم
وَأما ابْنه معنصر فَإِنَّهُ أَقَامَ بقرطبة إِلَى أَن قَامَت الْفِتْنَة بالأندلس وانقرضت الدولة العامرية فَانْصَرف معنصر إِلَى أَبِيه وعشيرته بفاس
وَحكي فِي القرطاس أَنه لما كَانَت سنة تسع وَتِسْعين وثلاثمائة وَتُوفِّي عبد الْملك المظفر وَولي بعده أَخُوهُ عبد الرَّحْمَن بن الْمَنْصُور بن أبي عَامر بعث إِلَيْهِ الْمعز بن زيري بهدية نفيسة فِيهَا خَمْسُونَ فرسا وَكَانَ وَلَده معنصر مرتهنا عِنْده بقرطبة كَمَا قُلْنَا فأحضر الْحَاجِب عبد الرَّحْمَن معنصر بن الْمعز حِين وصلت إِلَيْهِ هَدِيَّة أَبِيه فَخلع عَلَيْهِ وعَلى الرُّسُل الَّذين قدمُوا عَلَيْهِ بالهدية وَبعث بِهِ إِلَى أَبِيه مكرما فَجمع الْمعز كل فرس كَانَ عِنْده وَبعث بِهِ إِلَى قرطبة وَكَانَ مبلغ عدد الْخَيل تِسْعمائَة فرس وَلم تصل من الْمغرب إِلَى الأندلس هَدِيَّة أعظم مِنْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute