وَنقل ابْن خلكان عَن كتاب المعرب عَن سيرة مُلُوك الْمغرب فِي سَبَب رُجُوع الْأَمِير أبي بكر بن عمر إِلَى الصَّحرَاء مَا مِثَاله قَالَ كَانَ أَبُو بكر بن عمر رجلا ساذجا خير الطباع مؤثرا لبلاده على بِلَاد الْمغرب غير ميال إِلَى الرَّفَاهِيَة وَكَانَت وُلَاة الْمغرب من زناتة ضعفاء لم يقاوموا الملثمين فَأخذُوا الْبِلَاد من أَيْديهم من بَاب تلمسان إِلَى سَاحل الْبَحْر الْمُحِيط فَلَمَّا حصلت الْبِلَاد لأبي بكر بن عمر سمع أَن عجوزا فِي الصَّحرَاء ذهبت لَهَا نَاقَة فِي غَدَاة فَبَكَتْ وَقَالَت ضيعنا أَبُو بكر بن عمر بِدُخُولِهِ إِلَى بِلَاد الْمغرب فَحَمله ذَلِك على أَن اسْتخْلف على بِلَاد الْمغرب رجلا من أَصْحَابه اسْمه يُوسُف بن تاشفين وَرجع إِلَى بِلَاده الجنوبية اه
وَكَانَ سفر أبي بكر بن عمر إِلَى الصَّحرَاء فِي ذِي الْقعدَة سنة ثَلَاث وَخمسين وَأَرْبَعمِائَة وَلما وصل إِلَيْهَا أصلح شَأْنهَا ورتب أحوالها وَجمع جَيْشًا كثيفا وغزا بِهِ بِلَاد السودَان فاستولى مِنْهَا على نَحْو تسعين مرحلة
وَكَانَ يُوسُف بن تاشفين قد استفحل أمره أَيْضا بالمغرب وَاسْتولى على أَكثر بِلَاده فَلَمَّا سمع الْأَمِير أَبُو بكر بن عمر بِمَا آل إِلَيْهِ أَمر يُوسُف بن تاشفين وَمَا منحه الله من النَّصْر أقبل من الصَّحرَاء ليختبر أَحْوَاله وَيُقَال إِنَّه كَانَ مضمرا لعزله وتولية غَيره فأحس يُوسُف بذلك فَشَاور زَوجته زَيْنَب بنت إِسْحَاق وَكَانَ قد تزَوجهَا بعد أبي بكربن عمر فَقَالَت لَهُ إِن ابْن عمك متورع عَن سفك الدِّمَاء فَإِذا لَقيته فاترك مَا كَانَ يعهده مِنْك من الْأَدَب والتواضع مَعَه وَأظْهر أثر الترفع والاستبداد حَتَّى كَأَنَّك مسَاوٍ لَهُ ثمَّ لاطفه مَعَ ذَلِك بالهدايا من الْأَمْوَال وَالْخلْع وَسَائِر طرف الْمغرب واستكثر من ذَلِك