وَالسَّلَام فَلَمَّا فرغ من كِتَابه قَرَأَ على يُوسُف بن تاشفين بِلِسَانِهِ فَاسْتَحْسَنَهُ وَقرن بِهِ مَا يصلح لَهُم من التحف ودرق اللمط مِمَّا لَا يكون إِلَّا فِي بِلَاده وأنفذ ذَلِك إِلَيْهِم فَلَمَّا وصلهم ذَلِك وقرؤوا كِتَابه فرحوا بِهِ وعظموه واعتزوا بولايته وتقوت نُفُوسهم على دفع الفرنج وأزمعوا إِن رَأَوْا من الفرنج مَا يريبهم أَن يجيزوا إِلَيْهِ يُوسُف بن تاشفين ويكونوا من أعوانه عَلَيْهِ فتأتى ليوسف بن تاشفين بِرَأْي وزيره مَا أَرَادَ من محبَّة أهل الأندلس لَهُ وَكَفاهُ حربهم
وَقَالَ ابْن الْأَثِير فِي الْكَامِل كَانَ الْمُعْتَمد ابْن عباد أعظم مُلُوك الأندلس وممتلكا لأكبر بلادها مثل قرطبة وإشبيلية وَكَانَ مَعَ ذَلِك يُؤَدِّي الضريبة إِلَى الأذفونش كل سنة فَلَمَّا تملك الأذفونش طليطلة أرسل إِلَيْهِ الْمُعْتَمد الضريبة على عَادَته فَردهَا عَلَيْهِ وَلم يقبلهَا مِنْهُ ثمَّ أرسل إِلَيْهِ يتهدده ويتوعده بِالْمَسِيرِ إِلَى قرطبة وتملكها من يَده إِلَّا أَن يسلم إِلَيْهِ جَمِيع الْحُصُون الَّتِي فِي الْجَبَل ويبقي السهل للْمُسلمين وَكَانَ الرَّسُول فِي جمع كثير نَحْو خَمْسمِائَة فَارس فأنزله الْمُعْتَمد وَفرق أَصْحَابه على قواد عسكره ثمَّ أَمر القواد أَن يقتل كل مِنْهُم من عِنْده وأحضر الرَّسُول فصفعه حَتَّى برزت عَيناهُ وَسلم من الْجَمَاعَة ثَلَاثَة نفر فعادوا إِلَى الأذفونش وَأَخْبرُوهُ الْخَبَر وَكَانَ مُتَوَجها إِلَى قرطبة ليحاصرها فَلَمَّا بلغه هَذَا الْخَبَر رَجَعَ إِلَى طليطلة ليجمع آلَات الْحصار ويستعد اسْتِعْدَادًا غير الَّذِي سبق وَعَاد الْمُعْتَمد إِلَى إشبيلية وَأقَام بهَا وَترك قرطبة بِدُونِ مدافع يدافع عَنْهَا
وَقَالَ ابْن عبد الْمُنعم الْحِمْيَرِي فِي كِتَابه الرَّوْض المعطار مَا ملخصه إِن الْمُعْتَمد ابْن عباد أخر فِي سنة من السنين الضريبة الَّتِي كَانَ يَدْفَعهَا للأذفونش عَن وَقتهَا ثمَّ أرسلها إِلَيْهِ بعد فَغَضب الأذفونش واشتط وَطلب بعض الْحُصُون زِيَادَة على الضريبة وأمعن فِي التجني حَتَّى طلب أَن تَأتي زَوجته إِلَى الْجَامِع الْأَعْظَم بقرطبة فتلد فِيهِ إِذْ كَانَت حَامِلا وَكَانَ بالجانب الغربي من الْمَسْجِد الْمَذْكُور مَوضِع كَنِيسَة قديمَة بنى الْمُسلمُونَ عَلَيْهَا الْمَسْجِد فَأَشَارَ عَلَيْهِ الْأَطِبَّاء والقسيسون أَن تكون زَوجته سَاكِنة قرب وِلَادَتهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute