ثمَّ ملك المرابطون بعد ذَلِك مَا بَقِي من بِلَاد الأندلس إِلَى أَن خلصت لَهُم وَلم يبْق لملوك الطوائف بهَا ذكر وَهَذِه الْأَخْبَار نقلناها عَن ابْن أبي زرع ممزوجة باليسير من كَلَام غَيره واعتمدنا كَلَامه لِأَنَّهُ مَوْضُوع بِالْقَصْدِ الأول لأحبار الْمغرب فَيكون أعنى بِهِ من غَيره
وَفِي تَارِيخ ابْن خلدون بعض مُخَالفَة لما مر قَالَ أجَاز يُوسُف بن تاشفين الْبَحْر إِلَى الأندلس الْجَوَاز الثَّانِي سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعمِائَة وتثاقل أُمَرَاء الطوائف عَن لِقَائِه لما أحسوا من نكيره عَلَيْهِم لما يسمون بِهِ رعاياهم من الظلامات والمكوس وتلاحق المغارم فَوجدَ عَلَيْهِم وعهد بِرَفْع المكوس وتحرى المعدلة وَقَالَ أَيْضا إِن الْفُقَهَاء بالأندلس طلبُوا من يُوسُف بن تاشفين رفع المكوس والظلامات عَنْهُم فَتقدم بذلك إِلَى مُلُوك الطوائف فَأَجَابُوهُ بالامتثال حَتَّى إِذا رَجَعَ عَن بِلَادهمْ رجعُوا إِلَى حَالهم فَلَمَّا أجَاز ثَانِيَة انقبضوا عَنهُ إِلَّا ابْن عباد فَإِنَّهُ بَادر إِلَى لِقَائِه وأغراه بالكثير مِنْهُم فتقبض على ابْن رَشِيق الْبناء وَأمكن ابْن عباد مِنْهُ للعداوة الَّتِي بَينهمَا وَبعث جَيْشًا إِلَى المرية ففر عَنْهَا صَاحبهَا ابْن صمادح وَنزل بجاية من أَرض إفريقية وتوافق مُلُوك الطوائف على قطع المدد عَن عَسَاكِر أَمِير الْمُسلمين ومحلاته فسَاء نظره وَأَفْتَاهُ الْفُقَهَاء وَأهل الشورى من الْمغرب والأندلس بخلعهم وانتزاع الْأَمر من أَيْديهم وسارت إِلَيْهِ بذلك فَتَاوَى أهل الْمشرق الْأَعْلَام مثل الْغَزالِيّ والطرطوشي وَغَيرهمَا
فَعمد إِلَى غرناطة واستنزل صَاحبهَا عبد الله بن بلكين وأخاه تميما عَن مالقة بعد أَن كَانَ مِنْهُمَا مداخلة للطاغية فِي عَدَاوَة يُوسُف بن تاشفين وَبعث بهما إِلَى الْمغرب فخاف ابْن عباد عِنْد ذَلِك مِنْهُ وانقبض عَن لِقَائِه وفشت السعايات بَينهم ونهض أَمِير الْمُسلمين إِلَى سبتة فاستقر بهَا وَعقد للأمير سير بن أبي بكر على الأندلس وَأَجَازَهُ فَانْتهى إِلَيْهَا وَقعد ابْن عباد عَن تلقيه وميرته فأحفظه ذَلِك وطالبه بِالطَّاعَةِ لأمير الْمُسلمين وَالنُّزُول عَن الْأَمر ففسد ذَات بَينهمَا ثمَّ غَلبه على جَمِيع عمله ثمَّ صَمد إِلَى إشبيلية فحاصره بهَا واستنجد الطاغية فَعمد إِلَى استنقاذه من هَذَا الْحصار فَلم يغن