باسمه وَنقش على الدِّينَار لَا إِلَه إِلَّا الله مُحَمَّد رَسُول الله وَتَحْت ذَلِك أَمِير الْمُسلمين يُوسُف بن تاشفين وَكتب على الدائرة {وَمن يبتغ غير الْإِسْلَام دينا فَلَنْ يقبل مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَة من الخاسرين} وَكتب على الصفحة الْأُخْرَى عبد الله أَحْمد أَمِير الْمُؤمنِينَ العباسي وعَلى الدائرة تَارِيخ ضربه وَمَوْضِع سكته
وَكَانَ ملكه قد انْتهى إِلَى مَدِينَة أفراغه من قاصية شَرق الأندلس وَإِلَى مَدِينَة أشبونة على الْبَحْر الْمُحِيط من بَحر الأندلس وَذَلِكَ مسيرَة ثَلَاثَة وَثَلَاثِينَ يَوْمًا طولا وَفِي الْعرض مَا يقرب من ذَلِك
وَملك بعدوة الْمغرب من جزائر بني مذغنة إِلَى طنجة إِلَى آخر السوس الْأَقْصَى إِلَى جبال الذَّهَب من بِلَاد السودَان
وَلم ير فِي بلد من بِلَاده وَلَا عمل من أَعماله على طول أَيَّامه رسم مكس وَلَا خراج لَا فِي حَاضِرَة وَلَا فِي بادية إِلَّا مَا أَمر الله بِهِ وأوجبه حكم الْكتاب وَالسّنة من الزكوات والأعشار وجزيات أهل الذِّمَّة وأخماس الْغَنَائِم
وَقد جبى فِي ذَلِك من الْأَمْوَال على وَجههَا مَا لم يجِيبه أحد قبله يُقَال إِنَّه وجد فِي بَيت مَاله بعد وَفَاته ثَلَاثَة عشر ألف ربع من الْوَرق وَخَمْسَة آلَاف وَأَرْبَعُونَ ربعا من مطبوع الذَّهَب
وَكَانَ رَحمَه الله زاهدا فِي زِينَة الدُّنْيَا وزهرتها ورعا متقشفا لِبَاسه الصُّوف لم يلبس قطّ غَيره ومأكله الشّعير وَلُحُوم الْإِبِل وَأَلْبَانهَا مُقْتَصرا على ذَلِك لم ينْقل عَنهُ مُدَّة عمره على مَا منحه الله من سَعَة الْملك وخوله من نعْمَة الدُّنْيَا وَقد رد أَحْكَام الْبِلَاد إِلَى الْقُضَاة وَأسْقط مَا دون الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة وَكَانَ يسير فِي أَعماله بِنَفسِهِ فيتفقد أَحْوَال الرّعية فِي كل سنة وَكَانَ محبا للفقهاء وَأهل الْعلم وَالْفضل مكرما لَهُم صادرا عَن رَأْيهمْ يجْرِي عَلَيْهِم أَرْزَاقهم من بَيت المَال وَكَانَ مَعَ ذَلِك حسن الْأَخْلَاق متواضعا كثير الْحيَاء جَامعا لخصال الْخَيْر رَحمَه الله تَعَالَى وَرَضي عَنهُ