كَثِيرَة فهم تَمِيم بالفرار فَلم يجد لَهُ سَبِيلا ثمَّ صمم قواد لمتونة على مناجزة الْعَدو وصمدوا إِلَيْهِ فَكَانَت بَينهم حَرْب عَظِيمَة بعد الْعَهْد بِمِثْلِهَا فَهزمَ الله تَعَالَى الْعَدو وَنصر الْمُسلمين وَقتل ولد الفنش وَقتل مَعَه من الرّوم ثَلَاثَة وَعِشْرُونَ ألفا ونيف وَدخل الْمُسلمُونَ أفليج بِالسَّيْفِ عنْوَة وَاسْتشْهدَ فِي هَذِه الْوَقْعَة جمَاعَة من الْمُسلمين رَحِمهم الله واتصل الْخَبَر بالفنش فَاغْتَمَّ لقتل وَلَده وَأخذ بَلَده وهلاك جنده فَمَرض وَمَات أسفا لعشرين يَوْمًا من الْوَقْعَة وَكتب تَمِيم بن يُوسُف إِلَى أَمِير الْمُسلمين بِالْفَتْح
وَاعْلَم أَنه يُقَال فِي مُلُوك الجلالقة الَّذين نسميهم الْيَوْم الإصبنيول الأذفونش وَيُقَال الفنش فَقَالَ ابْن خلكان الأذفونش بِضَم الْهمزَة وَسُكُون الذَّال الْمُعْجَمَة وَضم الْفَاء وَسُكُون الْوَاو بعْدهَا نون ثمَّ شين مُعْجمَة هُوَ اسْم لأكبر مُلُوك الإفرنج وَهُوَ صَاحب طليطلة وَقَالَ ابْن خلدون بَنو أذفونش هم ولد أذفونش بن بطرة أول مُلُوك الجلالقة اه وَأما قَوْلهم الفنش فَهُوَ اسْم علم لبَعض مُلُوكهمْ وَلَيْسَ لقبا لجميعهم
وَكَانَ مُحَمَّد بن الْحَاج رَحمَه الله مُدَّة مقَامه ببلنسية قد ضيق على النَّصَارَى تضييقا فَاحِشا بالغارات والنهب فَخرج فِي غزَاة لَهُ ذَات مرّة فَأخذ على طَرِيق الْبَريَّة فغنم وسبى وَكَانَ مَعَه جمَاعَة من قواد لمتونة فَبعث بالمغنم على الطَّرِيق الْكَبِير وَأخذ هُوَ على بَريَّة تقرب من بِلَاد الْمُسلمين وَكَانَ أَكثر النَّاس مَعَ الْمغنم وَكَانَ طَرِيق الْبَريَّة الَّذِي أَخذ عَلَيْهِ مُحَمَّد بن الْحَاج لَا يسْلك إِلَّا على سرب وَاحِد لصعوبته وَشدَّة وعورته فَلَمَّا توسطه مُحَمَّد بن الْحَاج وأخذته الأوعار والمضايق من بَين يَدَيْهِ وَمن خَلفه وجد النَّصَارَى قد كمنوا لَهُ فِي جِهَة من تِلْكَ الْجِهَات فَقَاتلهُمْ قتال من أَيقَن بِالْمَوْتِ واغتنم الشَّهَادَة إِذْ لم يجد منفذا يخلص مِنْهُ فاستشهد رَحمَه الله وَاسْتشْهدَ مَعَه جمَاعَة من المتطوعة وتخلص مِنْهُم الْقَائِد مُحَمَّد بن عَائِشَة فِي نفر يسير بحيلة أعملها
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute