للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ لما وصل إِلَى فاس كتاب أَمِير الْمُسلمين عَليّ بن يُوسُف بالتحريج على كتاب الْإِحْيَاء وَأَن يحلف النَّاس بالأيمان الْمُغَلَّظَة أَن كتاب الْإِحْيَاء لَيْسَ عِنْدهم ذهبت إِلَى أبي الْفضل أستفتيه فِي تِلْكَ الْأَيْمَان فَأفْتى بِأَنَّهَا لَا تلْزم وَكَانَت إِلَى جنبه أسفار فَقَالَ لي هَذِه الْأَسْفَار من كتاب الْأَحْيَاء وددت أَنِّي لم أنظر فِي عمري سواهَا وَكَانَ أَبُو الْفضل قد انسخ كتاب الْإِحْيَاء فِي ثَلَاثِينَ جُزْءا فَإِذا دخل شهر رَمَضَان قَرَأَ فِي كل يَوْم جُزْءا ومناقبه كَثِيرَة رَحمَه الله

قلت لم يَقع فِي دولة المرابطين أشنع من هَذِه النَّازِلَة وَهِي إحراق كتاب الْإِحْيَاء فَإِنَّهُ لما وصلت نُسْخَة إِلَى بِلَاد الْمغرب تصفحها جمَاعَة من فقهائه مُهِمّ القَاضِي أَبُو الْقَاسِم بن حمدين فانتقدوا فِيهَا أَشْيَاء على الشَّيْخ أبي حَامِد رَضِي الله عَنهُ وأعلموا السُّلْطَان بأمرها وأفتوه بِأَنَّهَا يجب إحراقها وَلَا تجوز قرَاءَتهَا بِحَال

وَكَانَ عَليّ بن يُوسُف وَاقِفًا كأبيه عِنْد إِشَارَة الْفُقَهَاء وَأهل الْعلم قد رد جَمِيع الْأَحْكَام إِلَيْهِم فَلَمَّا أفتوه بإحراق كتاب الْإِحْيَاء كتب إِلَى أهل مَمْلَكَته فِي سَائِر الْأَمْصَار والأقطار بِأَن يبْحَث عَن نسخ الْإِحْيَاء بحثا أكيدا وَيحرق مَا عثر عَلَيْهِ مِنْهَا فَجمع من نسخهَا عدد كثير بِبِلَاد الأندلس وَوضعت بِصَحْنِ جَامع قرطبة وصب عَلَيْهَا الزَّيْت ثمَّ أوقد عَلَيْهَا بالنَّار وَكَذَا فعل بِمَا ألفى من نسخهَا بمراكش وتوالى الإحراق عَلَيْهَا فِي سَائِر بِلَاد الْمغرب وَيُقَال إِن ذَلِك كَانَ فِي حَيَاة الشَّيْخ أبي حَامِد رَحمَه الله وَأَنه دَعَا بِسَبَب ذَلِك على المرابطين أَن يمزق ملكهم فاستجيب لَهُ فيهم فَإِن كَانَ كَذَلِك فتاريخ الإحراق يكون فِيمَا بَين الْخَمْسمِائَةِ وَالْخمس بعْدهَا لِأَن بيعَة عَليّ بن يُوسُف كَانَت على رَأس الْخَمْسمِائَةِ ووفاة الشَّيْخ أبي حَامِد

<<  <  ج: ص:  >  >>