للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلم يطالبوا بعْدهَا بثأر وَلَا عَادوا إِلَى جماح ونفار بل أعْطوا القادة وَأَسْلمُوا أنفسهم للصغار ثمَّ لم يكتف بذلك حَتَّى أغزى خيل الْمُسلمين أَطْرَاف الْمَعْمُور من خُرَاسَان وَالتّرْك وبلاد النّوبَة وبلاد البربر ولعمري مَا أَمر الْإِسْكَنْدَر الَّذِي تضرب الْأُمَم بِهِ الْمثل فِي الْغَلَبَة والتمكن فِي الأَرْض إِلَّا دون أَمر عمر بِكَثِير فَإِن الْإِسْكَنْدَر كَانَ غازيا بِجَمِيعِ جَيْشه مُتَوَلِّيًا ذَلِك بِنَفسِهِ جوالا فِي الأَرْض غير مُقيم ووجهته فِي حروبه وجهة وَاحِدَة كلما فرغ من مملكة انْتقل إِلَى غَيرهَا تَارِكًا للَّتِي خلف وَرَاءه غير ملتفت إِلَيْهَا وَكَأَنَّهُ كَانَ لَا عرض لَهُ إِلَّا فِي إِظْهَار الْقُوَّة والبطش وَالْغَلَبَة على الْأُمَم دون مَا سوى ذَلِك من تصريف الممالك طوع الْأَمر وَالنَّهْي وَلذَا قَالَ حَمْزَة الْأَصْبَهَانِيّ فِي كِتَابه تواريخ الْأُمَم وَمَا رَوَاهُ الْقصاص من إِن الْإِسْكَنْدَر بنى بِأَرْض إيران عدَّة مدن مِنْهَا أَصْبَهَان ومرو وهراة وسمرقند فَحَدِيث لَا أصل لَهُ لِأَن الرجل كَانَ مخربا لَا عَامِرًا اه فَأَما عمر رَضِي الله عَنهُ فَإِنَّهُ لما استولت جيوشه على أَكثر الْمَعْمُور صرف ممالكها طوع أمره حَتَّى جبي إِلَيْهِ خراجها وَثبتت استقامتها وَزَالَ اعوجاجها أقوى مَا كَانُوا شَوْكَة وَأَشد قُوَّة واكثر حامية وَلم يمت رَحمَه الله حَتَّى انْتَهَت خيله فِي جِهَة الشرق إِلَى نهر بَلخ وَفِي جِهَة الشمَال إِلَى الْبَيْضَاء على مِائَتي فَرسَخ من بلنجر وَفِي جِهَة الْمغرب إِلَى تخوم الرّوم وبلاد برقة وطرابلس الغرب كل ذَلِك فِي مُدَّة يسيرَة لم يُجَاوز معظمها الثَّلَاث سِنِين وَهُوَ مَعَ ذَلِك فِي جَوف بَيته مُتَرَدّد فِيمَا بَين منزله ومسجده لم يسْتَعْمل لذَلِك كثير أَسبَاب وَلَا أجلب بِنَفسِهِ بخيل وَلَا ركاب إِنَّمَا هُوَ الرَّأْي الميمون والنصر الْمَضْمُون وَالْأَمر الْجَارِي بَين الْكَاف وَالنُّون والوعد الْمُنجز بقوله تَعَالَى {لِيظْهرهُ على الدّين كُله وَلَو كره الْمُشْركُونَ} فَأَما وَفَاة عمر رَضِي الله عَنهُ فروى ابْن سعد بِإِسْنَاد صَحِيح أَن عمر كَانَ لَا يَأْذَن لمن احْتَلَمَ من أَوْلَاد الْعَجم فِي دُخُول الْمَدِينَة حَتَّى كتب إِلَيْهِ الْمُغيرَة بن شُعْبَة وَهُوَ على الْكُوفَة فَذكر لَهُ أَن عِنْده غُلَاما صنعا وَهُوَ يَسْتَأْذِنهُ أَن يدْخلهُ الْمَدِينَة وَيَقُول إِن لَهُ أعمالا تَنْفَع

<<  <  ج: ص:  >  >>