وَلما تمّ لَهُ من أَصْحَابه خَمْسُونَ سماهم آيت الْخمسين ثمَّ زحف إِلَيْهِم عَامل لمتونة على السوس وهم بمكانهم من هرغة فاستجاشوا إخْوَانهمْ من هنتاتة وتينملل فَاجْتمعُوا إِلَيْهِم وأوقعوا بعكسر لمتونة فَكَانَت تِلْكَ باكورة الْفَتْح وَكَانَ الْمهْدي يعدهم بذلك فاستبصروا فِي أمره وتسابقت كافتهم إِلَى الدُّخُول فِي دَعوته وترددت إِلَيْهِم عَسَاكِر لمتونة مرّة بعد أُخْرَى ففضوهم وانتقل لثلاث سِنِين من بيعَته إِلَى جبل تينملل فأوطنه وَبنى دَاره ومسجده بَينهم وحوالي منبع وَادي نَفِيس وَقَاتل من تخلف عَن بيعَته من المصامدة حَتَّى استقاموا لَهُ هَذَا كَلَام ابْن خلدون فِي سِيَاقه هَذَا الْخَبَر جِئْنَا بِهِ مُخْتَصرا
وَاقْتضى كَلَام ابْن خلكان أَن ظُهُور الْمهْدي ومبايعته لم تكن إِلَّا بتينملل فَإِنَّهُ قد عقب مَا سبق لَهُ من أَن الْفَقِيه عبد الْحق بن إِبْرَاهِيم المصمودي أَشَارَ على الْمهْدي بِالْمَسِيرِ إِلَى تينملل وَأَن الْمهْدي لما سمع هَذَا الإسم تجدّد لَهُ ذكر فِيهِ فقصده مَعَ أَصْحَابه فَلَمَّا أَتَوْهُ رَآهُمْ أَهله على تِلْكَ الصُّورَة فَعَلمُوا أَنهم طلاب علم فَقَامُوا إِلَيْهِم وأكرموهم وتلقوهم بالترحاب وأنزلوهم فِي أكْرم مَنَازِلهمْ وَسَأَلَ أَمِير الْمُسلمين عَنْهُم بعد خُرُوجهمْ من مَجْلِسه فَقيل لَهُ إِنَّهُم سافروا فسره ذَلِك وَقَالَ تخلصنا من الْإِثْم بحبسهم ثمَّ إِن أهل الْجَبَل تسامعوا بوصول الْمهْدي إِلَيْهِم وَكَانَ قد سَار فيهم ذكره فجاؤوه من كل فج عميق وتبركوا بزيارته وَكَانَ كل من أَتَاهُ استدناه وَعرض عَلَيْهِ مَا فِي نَفسه من الْخُرُوج على السُّلْطَان فَإِن