مُحَمَّد بن تومرت من يَده وَعلم أَن الحزم كَانَ مَعَ مَالك بن وهيب فِيمَا أَشَارَ بِهِ فَجهز من وقته خيلا بِمِقْدَار مَا يسع وَادي تينملل فَإِنَّهُ ضيق المسلك
وَعلم الْمهْدي أَنه لَا بُد من عَسْكَر يصل إِلَيْهِم فَأمر أهل الْجَبَل بالقعود على أنقاب الْوَادي ومراصده واستنجد لَهُم بعض المجاورين فَلَمَّا وصلت الْخَيل إِلَيْهِم أَقبلت عَلَيْهِم الْحِجَارَة من جَانِبي الْوَادي مثل الْمَطَر وَكَانَ ذَلِك من أول النَّهَار إِلَى آخِره وَحَال بَينهم اللَّيْل فَرجع الْعَسْكَر إِلَى الْملك وَأَخْبرُوهُ بِمَا تمّ لَهُم فَعلم أَنه لَا طَاقَة لَهُ بِأَهْل الْجَبَل لتحصنهم فَأَعْرض عَنْهُم
وَتحقّق الْمهْدي ذَلِك مِنْهُ وصفت لَهُ مَوَدَّة أهل الْجَبَل فَعِنْدَ ذَلِك استدعى أَبَا مُحَمَّد البشير وَقَالَ لَهُ هَذَا أَوَان إِظْهَار فضائلك دفْعَة وَاحِدَة ليقوم لَك مقَام المعجزة لنستميل بذلك قُلُوب من لم يدْخل فِي الطَّاعَة ثمَّ اتفقَا على أَنه يُصَلِّي الصُّبْح وَيَقُول بِلِسَان فصيح بعد اسْتِعْمَال العجمة واللكنة فِي تِلْكَ الْمدَّة إِنِّي رَأَيْت البارحة فِي مَنَامِي أَنه نزل إِلَيّ ملكان من السَّمَاء وشقا فُؤَادِي وغسلاه وحشواه علما وَحِكْمَة وقرآنا فَلَمَّا أصبح فعل ذَلِك وَهُوَ فصل يطول شَرحه فانقاد لَهُ كل صَعب القياد وعجبوا من حَاله وَحفظه الْقُرْآن فِي النّوم فَقَالَ لَهُ مُحَمَّد بن تومرت فَعجل لنا بالبشرى فِي أَنْفُسنَا وعرفنا أسعداء نَحن أم أشقياء فَقَالَ لَهُ أما أَنْت فَإنَّك الْمهْدي الْقَائِم بِأَمْر الله وَمن تبعك سعد وَمن خالفك هلك ثمَّ قَالَ اعْرِض أَصْحَابك عَليّ حَتَّى أميز أهل الْجنَّة من أهل النَّار وَعمل فِي ذَلِك حِيلَة قتل بهَا كل من خَالف أَمر مُحَمَّد بن تومرت وَأبقى من أطاعه وَشرح ذَلِك يطول
وَكَانَ غَرَضه أَن لَا يبْقى فِي الْجَبَل مُخَالفا لَهُم فَلَمَّا قتل من قتل علم مُحَمَّد بن تومرت أَن فِي البَاقِينَ من لَهُ أهل وعشيرة قتلوا وَأَنَّهُمْ لَا تطيب