زَيْت وَلم ينْتَقل عَن هَذَا حِين كثرت عَلَيْهِ الدُّنْيَا وَرَأى أَصْحَابه يَوْمًا وَقد مَالَتْ نُفُوسهم إِلَى كَثْرَة مَا غنموه فَأمر بِضَم ذَلِك جَمِيعه وإحراقه وَقَالَ من كَانَ يَتبعني لأجل الدُّنْيَا فَلَيْسَ لَهُ عِنْدِي إِلَّا مَا رأى وَمن تَبِعنِي للآخرة فَجَزَاؤُهُ عِنْد الله وَكَانَ على خمول زيه وَبسط وَجهه مهيبا منيع الْحجاب إِلَّا عِنْد مظْلمَة وَله رجل مُخْتَصّ بخدمته وَالْإِذْن عَلَيْهِ وَكَانَ لَهُ شعر فَمن ذَلِك قَوْله
(أخذت بأعضادهم إِذْ نؤوا ... وخلفك الْقَوْم إِذْ ودعو)
(فكم أَنْت تنْهى وَلَا تَنْتَهِي ... وَتسمع وعظا وَلَا تسمع)
(فيا حجر السن حَتَّى مَتى ... تسن الْحَدِيد وَلَا تقطع)
وَكَانَ كثيرا مَا ينشد
(تجرد من الدُّنْيَا فَإنَّك إِنَّمَا ... خرجت إِلَى الدُّنْيَا وَأَنت مُجَرّد)
وَكَانَ يتَمَثَّل أَيْضا بقول أبي الطّيب المتنبي
(إِذا غامرت فِي شرف مروم ... فَلَا تقنع بِمَا دون النُّجُوم)
(فَطَعِمَ الْمَوْت فِي أَمر حقير ... كطعم الْمَوْت فِي أَمر عَظِيم)
وَبقول أَيْضا
(وَمن عرف الْأَيَّام معرفتي بهَا ... وبالناس روى رمحه غير رَاحِم)
(فَلَيْسَ بمرحوم إِذا ظفروا بِهِ ... وَلَا فِي الردى الْجَارِي عَلَيْهِم بآثم)
وَبِقَوْلِهِ أَيْضا
(وَمَا أَنا مِنْهُم بالعيش فيهم ... وَلَكِن مَعْدن الذَّهَب الرغام)
وَقَالَ ابْن الْخَطِيب فِي رقم الْحلَل قَالُوا كَانَ مُحَمَّد بن تومرت يزْعم أَنه مَأْمُور بِنَوْع من الْوَحْي والإلهام وينكر كتب الرَّأْي والتقليد وَله بَاعَ فِي علم الْكَلَام وغلبت عَلَيْهِ نزغة خارجية وَكَانَ ينتحل القضايا الإستقبالية وَيُشِير إِلَى الكوائن الْآتِيَة ورتب قومه ترتيبا غَرِيبا فَمنهمْ أهل الدَّار وَأهل الْجَمَاعَة وَأهل السَّاقَة وَأهل خمسين وَأهل سبعين والطلبة والحفاظ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute