وَفِي القرطاس ارتحل عبد الْمُؤمن إِلَى جبال غمارة وارتحل تاشفين بن عَليّ فِي أَثَره فَنزل بِإِزَاءِ عين الْقَدِيم وَذَلِكَ فِي فصل الشتَاء فَأَقَامَ بذلك المنززل شَهْرَيْن حَتَّى أحرق أهل محلته أوتاد أخبيتهم ورماحهم وهدموا بُيُوتهم وخيامهم انْتهى
ونشأت فتْنَة بَين لمتونة ومسوفة فَنزع جمَاعَة من أُمَرَاء مسوفة مِنْهُم عَامل تلمسان يحيى بن إِسْحَاق الْمَعْرُوف بآنكمار وَلَحِقُوا بِعَبْد الْمُؤمن ودخلوا فِي دَعوته فنبذ إِلَيْهِم المرابطون الْعَهْد وَإِلَى سَائِر مسوفة وَاسْتمرّ عبد الْمُؤمن على حَاله فنازل سبتة فامتنعت عَلَيْهِ وَتَوَلَّى كبر دفاعه عَنْهَا القَاضِي أَبُو الْفضل عِيَاض بن مُوسَى الشهير الذّكر وَكَانَ رئيسها يَوْمئِذٍ بأبوته ومنصبه وَعلمه وَدينه
قَالَ ابْن خلدون وَلذَلِك سخطته الدولة يَعْنِي دولة الْمُوَحِّدين آخر الْأَيَّام حَتَّى مَاتَ مغربا عَن سبته مُسْتَعْملا فِي خطة الْقَضَاء بالبادية من تادلا رَحمَه الله وَتَمَادَى عبد الْمُؤمن فِي غزاته إِلَى جبال غياثة وبطوية فافتتحها ثمَّ نَازل ملوية فَافْتتحَ حصونها ثمَّ تخطى إِلَى بِلَاد زناتة فأطاعته قبائل مديونة وَكَانَ قد بعث إِلَيْهِم جَيْشًا من الْمُوَحِّدين إِلَى نظر يُوسُف بن وانودين فَخرج إِلَيْهِم مُحَمَّد بن يحيى بن فانوا عَامل تلمسان من قبل المرابطين فِيمَن مَعَه من جيوش لمتونة وزناتة فَهَزَمَهُمْ الموحدون وَقتل ابْن فانوا وانفض جمع زناتة وَرَجَعُوا إِلَى بِلَادهمْ وَولى تاشفين بن عَليّ على تلمسان أَبَا بكر بن مزدلي وَقدم على عبد الْمُؤمن وَهُوَ بمكانه من الرِّيف أَبُو بكر بن ماخوخ ويوسف بن بدر من أُمَرَاء بني ومانوا من زناتة فَبعث مَعَهم يحيى بن يغمور ويوسف بن وانودين فِي عَسْكَر فأثخنوا فِي بِلَاد بني عبد الواد وَبني يلومي من زناتة سبيا وأسرا وَلحق صريخهم بتاشفين بن عَليّ فَأَمَدَّهُمْ بعساكر لمتونة وَمَعَهُمْ الروبرتير قَائِد الرّوم ونزلوا منداس وانضمت إِلَيْهِم قبائل زناتة من بني يلومي وَبني عبد الواد مَعَ شيخهم حمامة بن مطهر وإخوانهم بني توجين وَغَيرهم فأوقعوا بيني ومانوا وَقتلُوا