مخلوف التينمللي وَسَاكن الموحدون أهل سبتة فِي دِيَارهمْ واطمأنوا إِلَيْهِم
فَلَمَّا انْتقض الْمغرب على عبد الْمُؤمن بِسَبَب قيام مُحَمَّد بن هود وَمَا نَشأ عَن ذَلِك من الْفِتَن انْتقض أهل سبتة أَيْضا وَكَانَ انتقاضهم كَمَا فِي القرطاس بِرَأْي القَاضِي عِيَاض رَحمَه الله فَقتلُوا عَامل الْمُوَحِّدين وَمن كَانَ مَعَه من أَصْحَابه وحاميته وحرقهم بالنَّار
وَركب القَاضِي عِيَاض الْبَحْر إِلَى يحيى بن عَليّ المسوفي الْمَعْرُوف بِابْن غانية وَكَانَ معتصما بقرطبة متمسكا بدعوة المرابطين فَلَقِيَهُ وَأدّى إِلَيْهِ الْبيعَة وَطلب مِنْهُ واليا على سبتة فَبعث مَعَه يحيى بن أبي بكر الصحراوي الَّذِي كَانَ معتصما بفاس أَيَّام حِصَار عبد الْمُؤمن لَهَا ففر وَلحق بِابْن غانية كَمَا قُلْنَا وَبَقِي فِي جملَته إِلَى أَن بَعثه مَعَ القَاضِي عِيَاض فِي هَذِه الْمرة فَدخل يحيى سبتة وَقَامَ بأمرها
وَلما اتَّصَلت بِعَبْد الْمُؤمن هَذِه الْأَخْبَار مَعَ مَا تقدم من هزيمَة برغواطة للشَّيْخ أبي حَفْص خرج من مراكش قَاصِدا بِلَاد برغواطة أَولا ثمَّ من بعدهمْ ثَانِيًا فَتَسَامَعَتْ برغواطة بِخُرُوج عبد الْمُؤمن إِلَيْهِم فَكَتَبُوا إِلَى يحيى بن أبي بكر بمكانه من سبتة يستنصرونه عَلَيْهِم فَأَتَاهُم وَبَايَعُوهُ واجتمعوا عَلَيْهِ وقاتلوا عبد الْمُؤمن فهزموه ثمَّ كَانَت لَهُ الكرة عَلَيْهِم فَهَزَمَهُمْ وَحكم السَّيْف فيهم واستأصل شأفتهم حَتَّى انقادوا للطاعة وتبرؤوا من يحيى الصحراوي ولمتونة وفر الصحراوي إِلَى منجاته ثمَّ طلب الْأمان من عبد الْمُؤمن وَتشفع إِلَيْهِ بأشياخ الْقَبَائِل فَأَمنهُ ووفد عَلَيْهِ فَبَايعهُ وَحسنت طَاعَته لَدَيْهِ وَكَانَ ذَلِك سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة
وَلما رأى أهل سبتة ذَلِك كُله سقط فِي أَيْديهم وندموا على صنيعهم وَكَتَبُوا بيعتهم إِلَى عبد الْمُؤمن وَقدم بهَا أَشْيَاخ سبتة وطلبتها تَائِبين فَعَفَا عَنْهُم وَعَن القَاضِي عِيَاض وَأمره بسكنى مراكش وَالصَّحِيح أَنه ولاه الْقَضَاء بتادلا ثمَّ دخل مراكش قيل دَخلهَا مَرِيضا مرض مَوته وَقيل مَاتَ بِالطَّرِيقِ