بجاية فَعدل بِهِ إِلَى الجزائر وأنزله بهَا كالمسجون فَلَمَّا طرق عبد الْمُؤمن الجزائر فِي هَذِه الْمرة خرج إِلَيْهِ الْحسن بن عَليّ الْمَذْكُور فصحبه وَوصل يَده بِيَدِهِ حَتَّى كَانَ من أمره مَا نذكرهُ إِن شَاءَ الله
ثمَّ اعترضت جيوش صنهاجة عبد الْمُؤمن بِأم الْعُلُوّ فَهَزَمَهُمْ وصبح بجاية من الْغَد فَدَخلَهَا وفر صَاحبهَا يحيى بن الْعَزِيز الصنهاجي آخر مُلُوك بني حَمَّاد أَصْحَاب القلعة فَركب الْبَحْر فِي أسطولين كَانَ أعدهما لذَلِك وَاحْتمل فيهمَا ذخيرته وأمواله وعزم على الْمسير إِلَى مصر ثمَّ عدل إِلَى بونة فَنزل على أَخِيه الْحَارِث فَأنْكر عَلَيْهِ سوء صَنِيعه وإفراجه عَن الْبَلَد فارتحل عَنهُ إِلَى قسنطينة فَنزل على أَخِيه الْحسن فتخلى لَهُ عَن الْأَمر
وَفِي خلال ذَلِك دخل الموحدون قلعة حَمَّاد عنْوَة وَكَانَ عبد الْمُؤمن وَجه جَيْشًا من الْمُوَحِّدين إِلَيْهَا وَأمر عَلَيْهِم ابْنه أَبَا مُحَمَّد عبد الله فَدَخَلُوهَا وأضرموا النيرَان فِي مساكنها وخربوها وَقتلُوا بهَا نَحْو ثَمَانِيَة عشر ألفا وامتلأت أَيدي الْمُوَحِّدين من الْغَنَائِم والسبي ثمَّ جمع لَهُم الْعَرَب الَّذين هُنَاكَ من الأثبج وزغبة ورياح وَغَيرهم بسطيف فأوقعوا بهم واستلحموهم وَسبوا نِسَاءَهُمْ واكتسحوا أَمْوَالهم
وَأما يحيى بن الْعَزِيز فَإِنَّهُ بَايع لعبد الْمُؤمن سنة سبع وَأَرْبَعين وَخَمْسمِائة وَنزل لَهُ عَن قسنطينة وَاشْترط لنَفسِهِ فوفى لَهُ عبد الْمُؤمن وَنَقله إِلَى مراكش بأَهْله وخاصته فسكنها وأفاض عَلَيْهِ سِجَال الْإِحْسَان وأنزله منزلَة رفيعة ثمَّ انْتقل إِلَى سلا سنة ثَمَان وَخمسين وَخَمْسمِائة فسكن بقصر ابْن عشرَة مِنْهَا إِلَى أَن مَاتَ من سنته رَحمَه الله
ووفد على عبد الْمُؤمن بمراكش كبراء الْعَرَب من أهل إفريقية طائعين فوصلهم وَرَجَعُوا إِلَى قَومهمْ مغتبطين