الْكَرِيم مَعَ جملَة صَالِحَة من الْفِقْه ثمَّ طمح إِلَى علم الْحِكْمَة وَبَدَأَ من ذَلِك بِعلم الطِّبّ وَجمع من كتب الْحِكْمَة شَيْئا كثيرا
وَكَانَ مِمَّن صَحبه من الْعلمَاء بِهَذَا الشَّأْن الْوَزير أَبُو بكر مُحَمَّد بن طفيل كَانَ متحققا بِجَمِيعِ أَجزَاء الْحِكْمَة قَرَأَ على جمَاعَة من أَهلهَا مِنْهُم أَبُو بكر بن الصَّائِغ الْمَعْرُوف بِابْن باجة وَغَيره وَلابْن طفيل هَذَا تصانيف كَثِيرَة
وَكَانَ يُوسُف بن عبد الْمُؤمن حَرِيصًا على الْجمع بَين علم الشَّرِيعَة وَالْحكمَة وَلم يزل يجمع إِلَيْهِ الْعلمَاء من كل فن من جَمِيع الأقطار وَمن جُمْلَتهمْ القَاضِي أَبُو الْوَلِيد مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن رشد الْمَعْرُوف بالحفيد
وَكَانَ يُوسُف بن عبد الْمُؤمن شَدِيد الملوكية بعيد الهمة جماعا مناعا ضابطا لخراج مَمْلَكَته عَارِفًا بسياسة رَعيته وَكَانَ سخيا جوادا فِي مَحل السخاء والجود قد اسْتغنى النَّاس فِي أَيَّامه وَكَانَ من ضَبطه وسياسته رُبمَا يحضر حَتَّى لَا يكَاد يغيب حَتَّى لَا يكَاد يحضر وَله فِي غيبته نواب وخلفاء وحكام قد فوض الْأُمُور إِلَيْهِم لما علم من صَلَاحهمْ وأهليتهم لذَلِك
قَالَ ابْن خلكان وَالدَّنَانِير اليوسفية المغربية منسوبة إِلَيْهِ
وَمِمَّا يستطرف من أخباره رَحمَه الله أَن الأديب أَبَا الْعَبَّاس أَحْمد بن عبد السَّلَام الكرواني وكروان قَبيلَة من البربر مَنَازِلهمْ بضواحي فاس كَانَ نِهَايَة فِي حفظ الْأَشْعَار الْقَدِيمَة والمحدثة وَتقدم فِي هَذَا الشَّأْن وَله فِيهِ تآليف وَكَانَ مَعَ ذَلِك صَاحب نَوَادِر جَالس بهَا عبد الْمُؤمن ثمَّ وَلَده يُوسُف ثمَّ وَلَده يَعْقُوب
فَمن نوادره أَنه حضر يَوْمًا إِلَى بَاب أَمِير الْمُؤمنِينَ يُوسُف بن عبد الْمُؤمن الْمَذْكُور وَحضر إِلَيْهِ أَيْضا الطَّبِيب سعيد الغماري فَقَالَ أَمِير