إِلَى مصر بعد مقَامه بأفريقية سنة وَثَلَاثَة أشهر وَيُقَال إِنَّه لما فتح إفريقية أَمر عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ عبد الله بن نَافِع أَن يسير إِلَى جِهَة الأندلس فغزا تِلْكَ الْجِهَة وَعَاد إِلَى أفريقية فَأَقَامَ بهَا واليا من قبل عُثْمَان وَرجع ابْن أبي سرح إِلَى مصر وَالله أعلم
وَفِي سنة ثَمَان وَعشْرين اسْتَأْذن مُعَاوِيَة عُثْمَان فِي غَزْو الْبَحْر فَأذن لَهُ وَقد كَانَ مُعَاوِيَة وَهُوَ بحمص أَيَّام عمر رَضِي الله عَنهُ كتب إِلَيْهِ فِي شَأْن جَزِيرَة قبرص يَقُول إِن قَرْيَة من قرى حمص يسمع أَهلهَا نباح كلاب قبرص وصياح ديوكهم فَكتب عمر إِلَى عَمْرو بن الْعَاصِ يَقُول صف لي الْبَحْر وراكبه فَكتب إِلَيْهِ عَمْرو يَقُول هُوَ خلق كَبِير يركبه خلق صَغِير لَيْسَ إِلَّا السَّمَاء وَالْمَاء إِن ركد أقلق الْقُلُوب وَإِن تحرّك أزاغ الْعُقُول يزْدَاد فِيهِ الْيَقِين قلَّة وَالشَّكّ كَثْرَة وراكبه دود على عود إِن مَال غرق وَإِن نجا فرق فَكتب عمر إِلَى مُعَاوِيَة وَالَّذِي بعث مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ لَا أحمل فِيهِ مُسلما أبدا وَقد بَلغنِي أَن بَحر الشَّام يشرف على أطول جبل بِالْأَرْضِ فيستأذن الله كل يَوْم وَلَيْلَة فِي أَن يغرق الأَرْض فَكيف أحمل الْجنُود على هَذَا الْبَحْر الْكَافِر وَبِاللَّهِ لمُسلم وَاحِد أحب إِلَيّ مِمَّا حوت الرّوم فإياك أَن تعرض لي فِي ذَلِك فقد علمت مَا لَقِي الْعَلَاء مني ثمَّ لما كَانَت خلَافَة عُثْمَان ألح مُعَاوِيَة عَلَيْهِ فِي غَزْو الْبَحْر فَأَجَابَهُ على خِيَار النَّاس وطوعهم فَاخْتَارَ الْغَزْو جمَاعَة من الصَّحَابَة فيهم أَبُو ذَر وَأَبُو الدَّرْدَاء وَشَدَّاد بن أَوْس وَعبادَة بن الصَّامِت وزوجه أم حرَام بنت ملْحَان وَاسْتعْمل عَلَيْهِم عبد الله بن قيس حَلِيف بني فَزَارَة وَسَارُوا إِلَى قبرص وَجَاء عبد الله بن أبي سرح من مصر فَاجْتمعُوا عَلَيْهَا وصالحهم أَهلهَا على سَبْعَة آلَاف دِينَار لكل سنة ويؤدون مثلهَا للروم وَلَا مَنْعَة لَهُم على الْمُسلمين مِمَّن أَرَادَهُم من سواهُم وعَلى أَن يَكُونُوا عينا للْمُسلمين على عدوهم وَيكون طَرِيق الْغَزْو للْمُسلمين عَلَيْهِم وَكَانَت هَذِه