قَالَ ابْن خلدون والرياسة فيهم لهَذِهِ العصور يَعْنِي أَوَاخِر الْمِائَة الثَّامِنَة فِي ورديغة من بطونهم قَالَ أدْركْت شَيخا عَلَيْهِم لعهد السُّلْطَان أبي عنان حُسَيْن بن عَليّ الورديغي ثمَّ هلك وأقيم مقَامه ابْنه النَّاصِر بن حُسَيْن وَلحق بهم الْوَزير الْحسن بن عمر عِنْد نزوعه عَن السُّلْطَان أبي سَالم المريني سنة سِتِّينَ وَسَبْعمائة ونهضت إِلَيْهِم عَسَاكِر السُّلْطَان فأمكنوا مِنْهُ ثمَّ لحق بهم أَبُو الْفضل ابْن السُّلْطَان أبي سَالم عِنْد فراره من مراكش سنة ثَمَان وَسِتِّينَ ونازله السُّلْطَان عبد العزيز المريني وأحاط بِهِ وبهم فلحق ببرابرة صناكة ثمَّ أمكنوا مِنْهُ على مَال حمل إِلَيْهِم وَلحق بهم أثْنَاء هَذِه الْفِتَن الْأَمِير عبد الرَّحْمَن بن أبي يفلوسن المريني على عهد الْوَزير عمر بن عبد الله المتغلب على الْمغرب وَطَلَبه الْوَزير عمر فأخرجوه عَنْهُم وَطَالَ بذلك مراس النَّاصِر هَذَا للفتنة فنكرته الدولة وتقبضت عَلَيْهِ وأودعته السجْن فَمَكثَ فِيهِ سِنِين ثمَّ تجافت عَنهُ الدولة من بعد ذَلِك وأطلقته ثمَّ رَجَعَ من الْمشرق فتقبض عَلَيْهِ الْوَزير أَبُو بكر بن غَازِي المستبد بالمغرب على ولد السُّلْطَان عبد الْعَزِيز وأودعه السجْن ونقلوا الرياسة عَن بَيته إِلَى غَيرهم وَالله تَعَالَى مُقَلِّب الْأُمُور
وَقد يزْعم كثير من النَّاس أَن ورديغة من بني جَابر لَيْسُوا من جشم وَأَنَّهُمْ بطن من بطُون سدراته إِحْدَى شعوب لواتة من البربر ويستدلون على ذَلِك بموطنهم وجوارهم البربر وَالله تَعَالَى أعلم بِحَقِيقَة ذَلِك
وَأما سُفْيَان فهم الَّذين كَانَت لَهُم الرياسة والشوكة عِنْد دُخُول الْعَرَب إِلَى الْمغرب كَانَت رياستهم يَوْمئِذٍ فِي أَوْلَاد جرمون على سَائِر بطُون جشم واستمروا على ذَلِك سَائِر أَيَّام الْمُوَحِّدين وَلما ضعف أَمر بني عبد الْمُؤمن استكثروا بهم فِي حروبهم فَكَانَت لَهُم عزة ودالة على الدولة بِسَبَب الْكَثْرَة وَقرب الْعَهْد بالبداوة وخبوا وَوَضَعُوا فِي الْفِتَن مَعَ أعقاب الْمُلُوك من بني عبد الْمُؤمن المتنازعين على الْملك وظاهروا الْبَعْض مِنْهُم على الْبَعْض وَسَاءَتْ آثَارهم بالمغرب وَكَانَ شيخهم الْمَشْهُور على عهد يحيى بن النَّاصِر الموحدي