وَقَالَ ابْن خلدون واتصلت الرياسة على سُفْيَان فِي بني جرمون هَؤُلَاءِ إِلَى عهدنا قَالَ وَأدْركت شَيخا عَلَيْهِم لعهد السُّلْطَان أبي عنان يَعْقُوب بن عَليّ بن مَنْصُور بن عِيسَى بن يَعْقُوب بن جرمون بن عِيسَى
وَكَانَت سُفْيَان هَؤُلَاءِ أَحيَاء حلوا بأطراف تامسنا مِمَّا يَلِي آسفي وغلبتهم الْخَلْط على بسائطها الفسيحة وَبَقِي من أحيائهم الْحَارِث والكلابة ينتجعون أَرض السوس وقفاره وَيطْلبُونَ ضواحي بِلَاد حاحة من المصامدة فَبَقيت فيهم لذَلِك شدَّة وبأس ورياستهم فِي أَوْلَاد مُطَاع من الْحَارِث وَطَالَ عيثهم فِي ضواحي مراكش وإفسادهم فَلَمَّا استبد سُلْطَان مراكش الْأَمِير عبد الرَّحْمَن بن أبي يفلوسن المريني سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة كَمَا نذْكر استخلصهم وَرفع مَنْزِلَتهمْ ثمَّ استقدمهم فِي بعض أَيَّامه للعرض بخيلهم ورجلهم على الْعَادة وشيخهم يَوْمئِذٍ مَنْصُور بن يعِيش من أَوْلَاد مُطَاع فتقبض عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ وَقتل من قتل مِنْهُم وأودع الآخرين سجونه فَذَهَبُوا مثلا لآخرين وخضضت شوكتهم وَالله قَادر على مَا يَشَاء
وَأما الْخَلْط فقد كَانُوا ببسيط تامسنا أولي عدد وَقُوَّة وَكَانَ شيخهم هِلَال بن حميدان بن مقدم وَلما ولي الْعَادِل بن الْمَنْصُور الموحدي خالفوا عَلَيْهِ وهزموا عساكره وَبعث هِلَال بيعَته إِلَى الْمَأْمُون بن الْمَنْصُور سنة خمس وَعشْرين وسِتمِائَة وَتَبعهُ الموحدون على ذَلِك ثمَّ جَاءَ الْمَأْمُون فظاهروه على أمره وتحيزت أعداؤهم إِلَى يحيى بن النَّاصِر منازعه وَلم يزل هِلَال بن حميدان مَعَ الْمَأْمُون الى أَن هلك فِي حركته سنته وَبَايع بعده لِابْنِهِ الرشيد وَجَاء بِهِ إِلَى مراكش وَهزمَ سُفْيَان واستباحهم ثمَّ هلك هِلَال بن حميدان فولي مَكَانَهُ أَخُوهُ مَسْعُود بن حميدان ثمَّ خَالف على الرشيد فاحتال الرشيد عَلَيْهِ حَتَّى وَفد عَلَيْهِ بمراكش فَقتله فِي جمَاعَة من قومه سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وَولي أَمر الْخَلْط بعده يحيى بن هِلَال وفر بقَوْمه إِلَى يحيى بن النَّاصِر وحاصروا مراكش ثمَّ استولوا عَلَيْهَا وعاثوا فِيهَا وَخرج