للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ ابْن خلدون إِن الَّذِي كَانَ على المتطوعة يَوْمئِذٍ هُوَ الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد عبد الْوَاحِد بن أبي حَفْص وَالْكل إِلَى نظر الشَّيْخ أبي يحيى بن أبي حَفْص وَبَقِي الْمَنْصُور رَحمَه الله فِي جَيش الْمُوَحِّدين وَالْعَبِيد وَأمر الشَّيْخ أَبَا يحيى بالرحيل والتقدم أَمَامه إِلَى جِهَة الْعَدو

وَكَانَ الْمَنْصُور قد ضفر مَعَ ابْن صَنَادِيد من الرَّأْي أَن يبْقى هُوَ مُتَأَخِّرًا فِي الْمُوَحِّدين وَالْعَبِيد والجشم على مَسَافَة يخفى بهَا عَن أعين الْعَدو وَيقدم الشَّيْخ أَبَا يحيى بِبَعْض الرَّايَات والطبول فِي هَيْئَة السُّلْطَان فَيلقى الْعَدو فَإِن كَانَت للْمُسلمين فَهُوَ الْمَطْلُوب وَإِن كَانَت عَلَيْهِم كَانَ الْمَنْصُور ردأ لَهُم ثمَّ يسْتَأْنف الْقِتَال مَعَ الْعَدو وَقد انفل حَده ولانت شوكته

فَسَار الشَّيْخ أَبُو يحيى على هَذَا التَّرْتِيب وَابْن صَنَادِيد أَمَامه فِي فرسَان الأندلس وحماتها فَكَانَ الشَّيْخ أَبُو يحيى إِذا أقلع بجيشه عَن مَوضِع صباحا خَلفه الْمَنْصُور فِيهِ بجيشه مسَاء حَتَّى أشرف الشَّيْخ أَبُو يحيى على جموع الفرنج وَهِي يَوْمئِذٍ إِلَى جنب حصن الأرك وَيُقَال الأركو بِزِيَادَة الْوَاو فِي آخِرَة قد ضربت أخبيتها على ربوة عالية ذَات مهاو وأحجار كبار قد مَلَأت السهل والوعر وَنزل الشَّيْخ أَبُو يحيى بجيشه فِي الْبَسِيط ضحوة يَوْم الْأَرْبَعَاء التَّاسِع من شعْبَان سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَخَمْسمِائة وَعند ابْن خلكان أَن ذَلِك كَانَ يَوْم الْخَمِيس قَالَ واقتفى الْمَنْصُور فِي ذَلِك طَريقَة أَبِيه وجده فَإِنَّهُم أَكثر مَا كَانُوا يصافون يَوْم الْخَمِيس ومعظم حركاتهم فِي صفر فعبأ الشَّيْخ أَبُو يحيى عساكره تعبئة الْحَرْب وَعقد الرَّايَات لأمراء الْقَبَائِل وأوقف كل قَبيلَة فِي مركزها الَّذِي عين لَهَا فَجعل عَسْكَر الأندلس فِي الميمنة وَجعل زناتة والمصامدة وَالْعرب وَسَائِر قبائل الْمغرب فِي المسيرة وَجعل المتطوعة والأغزاز وَالرُّمَاة فِي الْمُقدمَة وَبَقِي هُوَ فِي الْقلب فِي قَبيلَة هنتاتة

وَلما أَخذ النَّاس مراكزهم من حومة الْقِتَال خرج جرمون بن ريَاح يمشي فِي صُفُوف الْمُسلمين ويحضهم على الثَّبَات وَالصَّبْر وبينما النَّاس

<<  <  ج: ص:  >  >>