للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والحشم فألفوها كالبنيان المرصوص لم يقدروا مِنْهَا على شَيْء وَدفع الفرنج بخيلهم المدرعة على رماح العبيد وَهِي مشرعة إِلَيْهِم فَدَخَلُوا فِيهَا والناصر قَاعد على درقته أَمَام خبائه يَقُول صدق الرَّحْمَن وَكذب الشَّيْطَان حَتَّى كَانَت الفرنج تصل إِلَيْهِ وَحَتَّى قتل حوله من عبيد الدائرة نَحْو عشرَة آلَاف ثمَّ أقبل إِلَيْهِ بعض فرسَان الْعَرَب على فرس لَهُ أُنْثَى فَقَالَ لَهُ إِلَى مَتى قعودك يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ وَقد نفذ حكم الله وَتمّ أمره وفنى الْمُسلمُونَ فَعِنْدَ ذَلِك قَامَ النَّاصِر إِلَى جواد لَهُ سَابق كَانَ إِمَامه فَأَرَادَ أَن يركبه فترجل الْعَرَبِيّ عَن فرسه وَقَالَ لَهُ اركب هَذِه الْحرَّة فَإِنَّهَا لَا ترْضى بِعَارٍ فَلَعَلَّ الله ينجيك عَلَيْهَا فَإِن فِي سلامتك الْخَيْر كُله فركبها النَّاصِر وَركب الْعَرَبِيّ جَوَاده وَتقدم أَمَامه فِي كوكبة عَظِيمَة من العبيد مُحِيطَة بهم والفرنج فِي أَعْقَابهم تقتلهم ونادى مُنَادِي الفنش يَوْمئِذٍ أَلا لَا أسر إِلَّا الْقَتْل وَمن أَتَى بأسير قتل هُوَ وأسيره فحكمت سيوف الفرنج فِي الْمُسلمين إِلَى اللَّيْل

وَكَانَت هَذِه الرزية الْعَظِيمَة يَوْم الِاثْنَيْنِ خَامِس عشر صفر سنة تسع وسِتمِائَة فَذَهَبت قُوَّة الْمُسلمين بالمغرب ولأندلس من يَوْمئِذٍ وَلم تنصر لَهُم بعْدهَا راية مَعَ الفرنج إِلَى أَن تدارك الله رَمق الأندلس بالسلطان الْمَنْصُور بِاللَّه يَعْقُوب بن عبد الْحق المريني رَحمَه الله كَمَا سنقص خبر ذَلِك مُسْتَوفى عِنْد الْوُصُول إِلَيْهِ إِن شَاءَ الله

قَالَ ابْن الْخَطِيب لما لحق النَّاصِر بإشبيلية حمل السَّيْف على طَائِفَة كَبِيرَة مِمَّن تَوَجَّهت إِلَيْهِم الظنة وَقَالَ ابْن خلدون ثمَّ رجعت الفرنج إِلَى ألأندلس بعد الكائنة للإغارة على بِلَاد الْمُسلمين فَلَقِيَهُمْ السَّيِّد أَبُو زَكَرِيَّا بن أبي حَفْص بن عبد الْمُؤمن قَرِيبا من إشبيلية فَهَزَمَهُمْ وانتعش الْمُسلمُونَ بهَا واتصلت الْحَال على ذَلِك

<<  <  ج: ص:  >  >>