فِيهِ أَنه لم يتَعَرَّض لذكر أحد من أَوْلِيَاء زَمَانه الْأَحْيَاء غير أَنه ذكر أَن من جملَة أَوْلِيَاء زَمَانه الَّذين كَانُوا قيد الْحَيَاة الشَّيْخ الصَّالح الصُّوفِي أَبَا مُحَمَّد صَالح بن ينضارن بن عفيان الدكالي ثمَّ الماجري نزيل ربط آسفي قَالَ وَهُوَ الْآن يفتر من الْجِهَاد والمحافظة على المواصلة والأوراد وَمن كَلَامه الْفَقِير لَيْسَ لَهُ نِهَايَة إِلَّا الْمَوْت قَالَ وحَدثني عَنهُ تلامذته بعجائب من الكرامات وَالْكَلَام على الخواطر وَهُوَ على سنَن الْمَشَايِخ الأول رَضِي الله عَنهُ
وَفِي سنة اثْنَتَيْنِ وَعشْرين وسِتمِائَة توفّي الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد عبد السَّلَام بن مشيش رَضِي الله عَنهُ وَقيل فِيمَا بعد إِلَى سنة خمس وَعشْرين وَتُوفِّي رَضِي الله عَنهُ شَهِيدا بجبل الْعلم من جبال غمارة وقبره هُنَاكَ مَشْهُور من أعظم مزارات الْمغرب
وَكَانَ سَبَب شَهَادَته أَن مُحَمَّدًا بن أبي الطواجين الكتامي كَانَ قد ثار بِتِلْكَ الْبِلَاد وَانْتَحَلَ صناعَة الكيمياء ثمَّ ادّعى النُّبُوَّة حَسْبَمَا سلف وَتَبعهُ على ضلالته طغاة غمارة والبربر فَكَانَ عَدو الله يغص بمَكَان الشَّيْخ رَضِي الله عَنهُ لما آتَاهُ الله من شرف التَّقْوَى والاستقامة الْمُؤَيد بشرف النّسَب الصميم والعنصر الْكَرِيم فسول لَهُ الشَّيْطَان أَنه لَا يتم أَمر مخرقته فِي تِلْكَ النَّاحِيَة إِلَّا بقتل الشَّيْخ فَدس لَهُ جمَاعَة من أَتْبَاعه وأشياعه فرصدوا الشَّيْخ حَتَّى نزل من خلوته فِي سحر من الأسحار إِلَى عين هُنَالك قرب الْجَبَل الْمَذْكُور فَتَوَضَّأ مِنْهَا وَولى رَاجعا إِلَى مَحل عِبَادَته وارتقاب فجره فعدوا عَلَيْهِ وقتلوه وَمن الشَّائِع أَنه ألقِي عَلَيْهِم ضباب كثيف أضلهم عَن الطَّرِيق ودفعوا إِلَى شَوَاهِق تردوا مِنْهَا فِي مهاوي سحيقة تمزقت فِيهَا أشلاؤهم وَلم يرجع مِنْهُم خبر
وَالشَّيْخ عبد السَّلَام هَذَا هُوَ ابْن مشيش بن أبي بكر بن عَليّ بن حُرْمَة بن عِيسَى بن سَلام بتَشْديد اللَّام بن مزوار بِفَتْح الْمِيم وبالراء الْمُهْملَة أخيرا ابْن حيدرة واسْمه عَليّ بن مُحَمَّد بن إِدْرِيس بن عبد الله بن الْحسن الْمثنى ابْن الْحسن السبط ابْن عَليّ بن أبي طَالب رَضِي الله عَنْهُم