محبو بن أبي بكر بن حمامة بن مُحَمَّد المريني فَكثر عيثهم وضررهم بالمغرب وأعضل داؤهم وتضاعف على الرّعية بلاؤهم فَرفعت الشكايات بهم إِلَى الْخَلِيفَة بمراكش وَهُوَ يَوْمئِذٍ يُوسُف الْمُنْتَصر بن النَّاصِر بن الْمَنْصُور فَجهز لَهُم جَيْشًا كثيفا من عشْرين ألفا وَعقد عَلَيْهِ لأبي عَليّ بن وانودين وَكتب لَهُ إِلَى صَاحب فاس السَّيِّد أبي إِبْرَاهِيم بن يُوسُف بن عبد الْمُؤمن يَأْمُرهُ بِالْخرُوجِ مَعَه لغزو بني مرين والإثخان فيهم وَعدم الْإِبْقَاء عَلَيْهِم مهما قدر على ذَلِك
واتصل الْخَبَر ببني مرين وهم فِي جِهَات الرِّيف وبلاد بطوية فتركوا أثقالهم وعيالهم بحصن تازوطا من أَرض الرِّيف وصمدوا إِلَى الْمُوَحِّدين فَالتقى الْجَمْعَانِ بوادي نكور فَكَانَ الظُّهُور لبني مرين على الْمُوَحِّدين فهزموهم وقتلوهم وامتلأت الْأَيْدِي من أسلابهم وأمتعتهم وَرجع الموحدون إِلَى فاس يخصفون عَلَيْهِم من ورق النَّبَات الْمَعْرُوف عِنْد أهل الْمغرب بالمشعلة لِكَثْرَة الخصب يَوْمئِذٍ واعتمار الفدن بالزرع وأصناف الباقلي فسميت تِلْكَ السّنة يَوْمئِذٍ بعام المشعلة وَهِي سنة ثَلَاث عشرَة وسِتمِائَة ثمَّ زحف الْأَمِير عبد الْحق فِي ذِي الْحجَّة من السّنة الْمَذْكُورَة بجموع بني مرين إِلَى رِبَاط تازة حَتَّى وقف بِإِزَاءِ زيتونها فَخرج عاملها لحربه فِي جَيش كثيف من الْمُوَحِّدين وَالْعرب والحشد من قبائل تسول ومكناسة وَغَيرهم فقتلت بَنو مرين الْعَامِل الْمَذْكُور وهزموا جيوشه
وَجمع عبد الْحق الأسلاب وَالْخَيْل وَالسِّلَاح وَقسم ذَلِك كُله فِي قبائل بني مرين وَلم يمسك مِنْهَا لنَفسِهِ شَيْئا وَقَالَ لِبَنِيهِ إيَّاكُمْ أَن تَأْخُذُوا من هَذِه الْغَنَائِم شَيْئا فَإِنَّهُ يكفيكم مِنْهَا الثَّنَاء والظهور على أعدائكم