للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالسُّيُوف البواتر وَغير ذَلِك من آلَات الْحَرْب الَّتِي يكَاد شعاعها يدهش الْبَصَر وزحف إِلَيْهِ السُّلْطَان يَعْقُوب رَحمَه الله بعد أَن صلى رَكْعَتَيْنِ ودعا الله تَعَالَى وَوعظ النَّاس وَذكرهمْ فرتب مصافه وَجعل وَلَده الْأَمِير يُوسُف فِي الْمُقدمَة وزحف على التعبية فَاقْتَتلُوا مَلِيًّا ثمَّ انْهَزَمت الفرنج فتساقط بَعضهم فِي الْوَادي وَانْحَدَرَ آخَرُونَ مَعَ ضفته وتصاعد آخَرُونَ كَذَلِك واقتحم الْمُسلمُونَ عَلَيْهِم وسط المَاء وقتلوهم فِي لجته حَتَّى صَار المَاء أَحْمَر وطفت جيفهم من الْغَد عَلَيْهِ فَكَانَ فيهم عِبْرَة لمن اعْتبر وَبَات السُّلْطَان والمسلمون تِلْكَ اللَّيْلَة على صهوات خيولهم يقتلُون وَيَأْسِرُونَ وأضرموا النيرَان بِسَاحَة إشبيلية حَتَّى صَار اللَّيْل نَهَارا وباتت الفرنج على الأسوار ينفخون فِي الْقُرُون ويحترسون طول ليلتهم

ثمَّ ارتحل السُّلْطَان من الْغَد إِلَى جبل الشّرف وَبث السَّرَايَا فِي نواحيه فَلم يزل يتقرى تِلْكَ الْجِهَات حَتَّى أباد عمرانها وطمس معالمها وَدخل حصن قطنيانة وحصن جليانة وحصن القليعة عنْوَة وأثخن فِي الْقَتْل والسبي ثمَّ ارتحل بالغنائم والأثقال إِلَى الجزيرة الخضراء فَدَخلَهَا فِي الثَّامِن وَالْعِشْرين من ربيع الأول الْمَذْكُور فأراح بهَا وَقسم الْغَنَائِم فِي الْمُجَاهدين ثمَّ خرج غازيا مَدِينَة شريش منتصف ربيع الآخر فنازلها وأذاقها نكال الْحَرْب ووبال الْحصار وَقطع الزياتين وَالْأَعْنَاب وَسَائِر الْأَشْجَار وأباد خضراءها وَحرق ديارها وأثخن فِيهَا بِالْقَتْلِ والأسر وَكَانَ السُّلْطَان يَعْقُوب يُبَاشر قطع الشّجر وَالثَّمَر بِيَدِهِ وسرح وَلَده الْأَمِير يُوسُف من مُعَسْكَره فِي سَرِيَّة للغارة على إشبيلية وحصون الْوَادي الْكَبِير فَبَالغ فِي النكاية واكتسح حصن روطة وشلوقة وغليانة والقناطر ثمَّ صبح إشبيلية فاكتسحها وانكفأ رَاجعا بالمغانم والسبي إِلَى السُّلْطَان يَعْقُوب فسر بمقدمه وقفلوا جَمِيعًا إِلَى الجزيرة الخضراء فأراح السُّلْطَان بهَا أَيَّامًا وَقسم فِي الْمُجَاهدين غنائمهم ثمَّ جمع أَشْيَاخ الْقَبَائِل وندبهم إِلَى غَزْو قرطبة وَقَالَ يَا معشر الْمُجَاهدين إِن إشبيلية وشريش وأحوازهما قد ضعفت وبادت وَلم يبْق لكم بهَا كَبِير نفع وَلَا نكاية وَإِن قرطبة وأعمالها بِلَاد حَصِينَة عامرة وَعَلَيْهَا اعْتِمَاد الفرنج وَمِنْهَا معاشهم ومادتهم فَإِن عزوتموها واستأصلتم خضراءها مثل مَا فَعلْتُمْ بإشبيلية وشريش كَانَ ذَلِك سَبَب ضعف النَّصْرَانِيَّة بِهَذَا الْقطر فَأَجَابُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>