للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقع بَينه وَبَين أهل العدوة الأندلسية مسلمهم وكافرهم من الوصلة وَأَنه معتزم على وَطْء بِلَاد الْمغرب فصرف السُّلْطَان يَعْقُوب عزمه إِلَى غَزْو يغمراسن وقفل إِلَى فاس لثَلَاثَة أشهر من حُلُوله بطنجة فَدَخلَهَا آخر شَوَّال من السّنة الْمَذْكُورَة وَأعَاد الرُّسُل إِلَى يغمراسن لإِقَامَة الْحجَّة عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ فِيمَا خاطبه بِهِ إِلَى مَتى يَا يغمراسن هَذَا النفور والتمادي فِي الْغرُور أما آن أَن تَنْشَرِح الصُّدُور وتنقضي هَذِه الشرور فِي كَلَام غير هَذَا فَصم يغمراسن عَن ذَلِك كُله وَلم يرفع بِهِ رَأْسا وَلما أيس السُّلْطَان يَعْقُوب من إقلاعه ورجوعه نَهَضَ إِلَيْهِ من فاس آخر سنة تسع وَسبعين وسِتمِائَة وَقدم ابْنه الْأَمِير يُوسُف فِي العساكر وَتَبعهُ فأدركه بتازا وَلما انْتهى إِلَى ملوية تلوم أَيَّامًا فِي انْتِظَار العساكر ثمَّ ارتحل حَتَّى نزل وَادي تافنا وصمد إِلَيْهِ يغمراسن بجموع زناتة وَالْعرب بحللهم ونجعهم وشائهم ونعمهم والتقت طوالع الْقَوْم أَولا فَكَانَت بَينهمَا حَرْب ثمَّ ركب على آثارهما العسكران والتحم الْقِتَال سَائِر النَّهَار وَكَانَ الزَّحْف بالموضع الْمَعْرُوف بالملعب من أحواز تلمسان ثمَّ انْكَشَفَ بَنو عبد الواد عِنْدَمَا أراح الْقَوْم وانتهب معسكرهم بِمَا فِيهِ من الكراع وَالسِّلَاح والفساطيط وَالْمَتَاع وَبَات عَسْكَر السُّلْطَان يَعْقُوب تِلْكَ اللَّيْلَة على متون جيادهم وَاتبعُوا من الْغَد آثَار عدوهم واكتسحت أَمْوَال الْعَرَب الناجعة الَّذين كَانُوا مَعَ يغمراسن وامتلأت أَيدي بني مرين من شائهم ونعمهم وتوغلوا فِي أَرض يغمراسن ووافاه هُنَالك مُحَمَّد بن عبد الْقوي أَمِير بني توجين لقِيه بِنَاحِيَة القصبات وعاثوا جَمِيعًا فِي بِلَاده تخريبا ونهبا ثمَّ أذن السُّلْطَان يَعْقُوب لبني توجين فِي اللحاق ببلادهم وَأخذ هُوَ بمخنق تلمسان محاصرا لَهَا حَتَّى يصل مُحَمَّد بن عبد الْقوي إِلَى مأمنه من جبل وانشريس خوفًا عَلَيْهِ من غائله يغمراسن واتباعه إِيَّاه ثمَّ أفرج عَنْهَا وقفل إِلَى الْمغرب فَدخل حَضْرَة فاس فِي رَمَضَان سنة ثَمَانِينَ وسِتمِائَة ثمَّ نَهَضَ الى مراكش فَدَخلَهَا فاتح سنة إِحْدَى وَثَمَانِينَ بعْدهَا فَبنى بهَا بِامْرَأَة مَسْعُود بن كانون السفياني لِأَنَّهُ كَانَ قد هلك قبل هَذِه السّنة وسرح ابْنه الْأَمِير يُوسُف إِلَى السوس لتدويخ أقطاره ثمَّ وافاه وَهُوَ بمراكش صريخ الطاغية على مَا نذكرهُ الْآن

<<  <  ج: ص:  >  >>