وَدَمرَ أَرضهم قصد مَدِينَة شريش فَنزل بساحتها وأناخ عَلَيْهَا فِي الْعشْرين من صفر سنة أَربع وَثَمَانِينَ الْمَذْكُورَة وَبث السَّرَايَا والغارات فِي جَمِيع نَوَاحِيهَا وَبعث عَن المسالح الَّتِي كَانَت بالثغور فتوافت لَدَيْهِ ولحقه حافده عمر بن عبد الْوَاحِد بِجمع وافر من الْمُجَاهدين من أهل الْمغرب فُرْسَانًا ورجالا ووافته حِصَّة العزفي صَاحب سبتة غزاه ناشبة تناهز خَمْسمِائَة وأوعز إِلَى ولي عَهده الْأَمِير يُوسُف باستنفار من بَقِي من أهل العدوة
وَكَانَ السُّلْطَان رَحمَه الله لما أَنَاخَ على شريش بعث وزيره مُحَمَّد بن عطوا وَمُحَمّد بن عمرَان عيُونا فوافوا حصن القناطر وروطة واستكشفوا ضعف الحامية واختلال الثغور وعادوا إِلَى السُّلْطَان فأخبروه ثمَّ عقد السُّلْطَان لحافده مَنْصُور بن عبد الْوَاحِد على ألف فَارس من بني مرين والغز وعرب العاصم والخلط والأثبج وَأَعْطَاهُ الرَّايَة وَبَعثه لغزو إشبيلية وَذَلِكَ فِي يَوْم الْأَحَد التَّاسِع وَالْعِشْرين من صفر من السّنة الْمَذْكُورَة فغنموا ومروا بقرمونة فِي منصرفهم فاستباحوها وأثخنوا بِالْقَتْلِ والأسر وَرَجَعُوا وَقد امْتَلَأت أَيْديهم من الْغَنَائِم ثمَّ عقد ثَانِيَة لحافده عمر بن عبد الْوَاحِد على مثلهَا من الفرسان فِي يَوْم الْخَمِيس الثَّالِث من شهر ربيع الأول من السّنة وَأَعْطَاهُ الرَّايَة وسرحه إِلَى بسائط وَادي لَك فَرَجَعُوا من الْغَنَائِم بِمَا مَلأ العساكر بعد أَن أثخنوا فِيهَا بِالْقَتْلِ والتخريب وتحريق الزروع واقتلاع الثِّمَار وأبادوا عمرانها
ثمَّ سرح ثامن ربيع الْمَذْكُور عسكرا من خَمْسمِائَة فَارس للإغارة على حصن ركش فوافوه على غرَّة فاكتسحوا أَمْوَالهم وَسبوا ثمَّ عقد تَاسِع ربيع أَيْضا لِابْنِهِ أبي معرف على ألف من الفرسان وسرحه لغزو إشبيلية فَسَارُوا حَتَّى هجموا عَلَيْهَا يَوْم المولد الْكَرِيم وتحصنت مِنْهُ حاميتها بالأسوار فخرب عمرانها وَقطع أشجارها وامتلأت أَيدي عسكره سبيا وأموالا وَرجع إِلَى محلّة السُّلْطَان وَهِي نازلة على شريش كَمَا قدمنَا مَمْلُوء الحقائب
ثمَّ عقد ثَالِثَة لحافده عمر منتصف ربيع الْمَذْكُور لغزو حصن كَانَ بِالْقربِ