للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بقتل مشيخة المصامدة وَلَا يمهلهم طرفَة عين وَوضع عَلَيْهِ الْعَلامَة الَّتِي تنفذ بهَا الْأَوَامِر السُّلْطَانِيَّة وَختم الْكتاب وَبعث بِهِ مَعَ الْبَرِيد قَالَ ابْن الْخَطِيب وَلما أكد على حامله فِي الْعجل وضايقه فِي تَقْدِير الْأَجَل تأنى حَتَّى إِذا علم أَنه قد وصل وَأَن غَرَضه قد حصل فر الى تلمسان وَهِي بِحَال حصارها فاتصل بأنصارها حَالا بَين أنوفها وأبصارها وتعجب النَّاس من فراره وَسُوء اغتراره ورجمت الظنون فِي آثاره ثمَّ وصلت الْأَخْبَار بِتمَام الْحِيلَة واستيلاء الْقَتْل على أَعْلَام تِلْكَ الْقَبِيلَة فَتَركهَا شنعاء على الْأَيَّام وعارا فِي الأقاليم على حَملَة الأقلام اه وَلما وصل الْكتاب إِلَى ولد السُّلْطَان أخرج أُولَئِكَ الرَّهْط المعتقلين إِلَى مصَارِعهمْ وَحكم السَّيْف فِي رِقَاب جَمِيعهم فَقتل عَليّ بن مُحَمَّد الهنتاني وَولده وَعبد الْكَرِيم بن عِيسَى القدميوي وَبَنوهُ الثَّلَاثَة عِيسَى وَعلي مَنْصُور وَابْن أَخِيه عبد الْعَزِيز بن مُحَمَّد وطير الْأَمِير عَليّ بالأعلام إِلَى وَالِده مَعَ بعض وزرائه وَهُوَ يرى أَنه قد امتثل الْأَمر واستوجب الشُّكْر

فَلَمَّا وصل الرَّسُول بالْخبر إِلَى السُّلْطَان يُوسُف بَطش بِهِ فَقتله غيظا عَلَيْهِ وأنفذ الْبَرِيد فِي الْحَال باعتقال وَلَده وَقَامَ وَقعد لذك وَمن ذَلِك الْوَقْت قصر السُّلْطَان علامته على من يختاره من ثِقَات الْكتاب وعدولهم وَجعلهَا يَوْمئِذٍ للفقيه الْكَاتِب أبي مُحَمَّد عبد الله بن أبي مَدين وَكَانَ من الكفاة المضطلعين بِأُمُور الدولة المتحملين للكثير من أعبائها وَأما ابْن الملياني فَإِنَّهُ فر إِلَى تلمسان وَالسُّلْطَان يُوسُف محاصر لَهَا وَلما وَقع الإفراج عَنْهَا بعد حِين انْتقل إِلَى الأندلس فَبَقيَ هُنَالك إِلَى أَن توفّي بغرناطة سنة خمس عشرَة وَسَبْعمائة وَمن شعره يفخر بِهَذِهِ الفعلة وَغَيرهَا قَوْله

(الْعِزّ مَا ضربت عَلَيْهِ قبابي ... وَالْفضل مَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ ثِيَابِي)

(والزهر مَا أهداه غُصْن يراعتي ... والمسك مَا أبداه نقس كتابي)

فالمجد يمْنَع أَن يزاحم موردي ... والعزم يَأْبَى أَن يضام جنابي)

(فَإِذا بلوت صَنِيعَة جَازَيْتهَا ... بجميل شكري أَو جزيل ثوابي)

(وَإِذا عقدت مَوَدَّة أجريتها ... مجْرى طَعَامي من دمي وشرابي)

(وَإِذا طلبت من الفراقد والسهى ... ثارا فَأوشك أَن أنال طلابي)

<<  <  ج: ص:  >  >>