بِهِ ويخلصون إِلَى الْكثير من بَاطِن أمره قد التحموا بِهِ التحاما وامتزجوا بِهِ امتزاجا يجالسونه فِي خلواته وينادمونه فِي أنسه فَعظم جاههم عِنْد الْحَاشِيَة لإقبال السُّلْطَان عَلَيْهِم واستتبعوا الوزراء فَمن دونهم من رجال الدولة وتعددت فيهم الرؤساء والقهارمة فَكَانَ مِنْهُم خَليفَة بن وقاصة وَأَخُوهُ إبراهم وصهره مُوسَى بن السبتي وَابْن عَمه خَليفَة الْأَصْغَر وَغَيرهم واستمروا على ذَلِك بُرْهَة من الدَّهْر ثمَّ إِن السُّلْطَان يُوسُف استفاق استفاقة والتفت إِلَيْهِم التفاتة وراجع بصيرته فِي شَأْنهمْ فأهمه أَمرهم وَشعر كَاتبه بذلك الْقَائِم بِأُمُور دولته أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن ابي مَدين فسعى عِنْده فيهم وأوجده السَّبِيل عَلَيْهِم فسطا بهم سطوة مُنكرَة واعتقلوا فِي شعْبَان من سنة إِحْدَى وَسَبْعمائة بمعسكره من حِصَار تلمسان وَقتل خليفه الْكَبِير وَأَخُوهُ إِبْرَاهِيم ومُوسَى بن السبتي وَإِخْوَته بعد أَن امتحنوا وَمثل بهم وَأَتَتْ النكبة على حاشيتهم وأقاربهم فَلم تبْق مِنْهُم بَاقِيَة إِلَّا أَن السُّلْطَان استبقى مُهِمّ خَليفَة الْأَصْغَر احتقارا لشأنه حَتَّى كَانَ من قَتله بعد مَا نذكرهُ وعبث بسائرهم وطهرت الدولة من رجسهم وأزيل مِنْهَا معرة رياستهم والأمور بيد الله سُبْحَانَهُ
ثمَّ لما كَانَت سنة ثَلَاث وَسَبْعمائة توفّي عُثْمَان بن يغمراسن فِي الْحصار عقب شربة لبن يُقَال إِنَّه جعل فِيهَا سما وشربه فعل ذَلِك بِنَفسِهِ تفاديا من معرة غَلبه عدوه عَلَيْهِ فَاجْتمع بَنو عبد الواد لحينهم وَبَايَعُوا ابْنه مُحَمَّد بن عُثْمَان واجتمعوا عَلَيْهِ ثمَّ برزوا إِلَى قتال عدوهم على الْعَادة حَتَّى كَأَن عُثْمَان لم يمت وَبلغ الْخَبَر إِلَى السُّلْطَان يُوسُف فتفجع على عُثْمَان وَعجب من صرامة قومه من بعده