غَزْو السُّلْطَان أبي ثَابت بِلَاد غمارة وسبتة ومحاصرته لعُثْمَان بن أبي الْعَلَاء
قد تقدم لنا أَن عُثْمَان بن أبي الْعَلَاء كَانَ قد ورد من الأندلس صُحْبَة الرئيس أبي سعيد بن الْأَحْمَر المتغلب على سبتة أَيَّام السُّلْطَان يُوسُف وَأَنه ثار بجبال غمارة ودعا لنَفسِهِ واستحوذ عَلَيْهَا وَكَانَ السُّلْطَان يُوسُف بلغه خَبره وأهمه شَأْنه إِلَّا أَنه كَانَ يَرْجُو أَن يفتح تلمسان عَن قريب ثمَّ ينْهض إِلَيْهِ فعاجله الْحمام دون ذَلِك وَلما أفْضى الْأَمر إِلَى السُّلْطَان أبي ثَابت وَقدم حَضْرَة فاس شغله عَن عُثْمَان بن أبي الْعَلَاء مَا كَانَ من ثورة يُوسُف بن مُحَمَّد بن أبي عياد بمراكش كَمَا قدمْنَاهُ فعقد على حَرْب عُثْمَان بن أبي الْعَلَاء لِابْنِ عَمه عبد الْحق بن عُثْمَان بن مُحَمَّد بن عبد الْحق فزحف إِلَيْهِ ونهض عُثْمَان بن أبي الْعَلَاء الى لِقَائِه منتصف ذِي الْحجَّة سنة سبع وَسَبْعمائة فَهَزَمَهُ عُثْمَان بن ابي الْعَلَاء واستلحم من كَانَ مَعَه من جند الفرنج وَهلك فِي تِلْكَ الْوَقْعَة عبد الْوَاحِد الفودودي من رجالات الدولة المرشحين للوزارة وَسَار عُثْمَان بن أبي الْعَلَاء إِلَى قصر كتامة فدخله وَاسْتولى على جهاته وَكَانَ بطلا من الْأَبْطَال وعَلى أثر ذَلِك كَانَ رُجُوع السُّلْطَان أبي ثَابت من غزَاة مراكش وَقد حسم الدَّاء ومحى أثر النِّفَاق فاعتزم على النهوض إِلَى بِلَاد غمارة ليمحو مِنْهَا أثر دَعْوَة ابْن أبي الْعَلَاء الَّتِي كَادَت تلج عَلَيْهِ دَار ملكه ويستخلص سبتة من يَد ابْن الْأَحْمَر المتغلب عَلَيْهَا لِأَنَّهَا صَارَت ركابا لمن يروم الْخُرُوج على السُّلْطَان من الْقَرَابَة المستقرين وَرَاء الْبَحْر غزَاة فِي سَبِيل الله
فَنَهَضَ السُّلْطَان أَبُو ثَابت من فاس عقب عيد الْأَضْحَى من سنة سبع وَسَبْعمائة حَتَّى انْتهى إِلَى قصر كتامة فَتلوم بِهِ ثَلَاثًا حَتَّى تلاحق بِهِ قبائل مرين وَالْعرب وَالرُّمَاة من سَائِر الْبِلَاد فَعرض جَيْشه وارتحل قَاصِدا جبال غمارة وَكَانَ عُثْمَان بن أبي الْعَلَاء قد فر أَمَامه إِلَى نَاحيَة سبتة فَسَار السُّلْطَان أَبُو ثَابت فِي أَتْبَاعه حَتَّى نَازل حصن علودان واقتحمه عنْوَة واستلحم بِهِ زهاء أَرْبَعمِائَة ثمَّ نَازل بلد الدمنة على شاطئ الْبَحْر فَقتل الرِّجَال وسبى النِّسَاء والذرية