للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلما رأى عُثْمَان بن أبي الْعَلَاء ذَلِك سقط فِي يَده وأيس من الْمغرب فَعبر الْبَحْر فِيمَن مَعَه من الْقَرَابَة إِلَى الأندلس وَولي مشيخة الْغُزَاة بهَا فَكَانَت لَهُ فِي جِهَاد الْعَدو الْيَد الْبَيْضَاء وَعلا أمره بالأندلس وزاحم بني الْأَحْمَر مُلُوكهَا فِي رياستهم وجبايتهم حَتَّى كَاد يستولي على الْأَمر من أَيْديهم وشرقوا بدائه ومارسهم ومارسوه مُدَّة طَوِيلَة وَعدلُوا فِي أمره إِلَى المصانعة والمجاملة فِي أَخْبَار لَيْسَ جلبها من غرضنا إِلَى أَن توفّي لَكنا نذْكر من ذَلِك أنموذجا يسْتَدلّ بِهِ الْوَاقِف عَلَيْهِ على مَا وَرَاءه فَنَقُول لما توفّي عُثْمَان بن أبي الْعَلَاء رَحمَه الله كتب على قَبره مَا صورته هَذَا قبر شيخ الحماة وَصدر الْأَبْطَال والكماة وَاحِد الْجَلالَة لَيْث الْإِقْدَام والبسالة علم الْأَعْلَام حامي ذمار الْإِسْلَام صَاحب الْكَتَائِب المنصورة وَالْأَفْعَال الْمَشْهُورَة والمغازي المسطورة وَإِمَام الصُّفُوف الْقَائِم بِبَاب الْجنَّة تَحت ظلال السيوف سيف الْجِهَاد وقاصم الأعاد وَأسد الآساد العالي الهمم الثَّابِت الْقدَم الْهمام الْمَاجِد الأرضى البطل الباسل الأمضى الْمُقَدّس المرحوم أبي سعيد عُثْمَان ابْن الشَّيْخ الْجَلِيل الْهمام الْكَبِير الْأَصِيل الشهير الْمُقَدّس المرحوم أبي الْعَلَاء إِدْرِيس بن عبد الله بن عبد الْحق

كَانَ عمره ثمانيا وَثَمَانِينَ سنة أنفقهُ مَا بَين رَوْحَة فِي سَبِيل الله وغدوة حَتَّى استوفى فِي المشهورر سَبْعمِائة واثنتين وَثَلَاثِينَ غَزْوَة وَقطع عمره مُجَاهدًا مُجْتَهدا فِي طَاعَة الرب محتسبا فِي إدارة الْحَرْب ماضي العزائم فِي جِهَاد الْكفَّار مصادما بَين جموعهم تدفق التيار وصنع الله تَعَالَى لَهُ فيهم من الصَّنَائِع الْكِبَار مَا سَار ذكره فِي الأقطار أشهر من الْمثل السيار حَتَّى توفّي رَحمَه الله وغبار الْجِهَاد طي أثوابه وَهُوَ مراقب لطاغية الْكفَّار وأحزابه فَمَاتَ على مَا عَاشَ عَلَيْهِ وَفِي ملحمة الْجِهَاد قَبضه الله إِلَيْهِ واستأثر بِهِ سعيدا مرتضى وسيفه على رَأس ملك الرّوم منتضى مُقَدّمَة قبُول وإسعاد ونتيجة جِهَاد وجلاد ودليلا على نِيَّته الصَّالِحَة وتجارته الرابحة فارتجت الأندلس لبعده أتحفه الله برحمة من عِنْده توفّي يَوْم الْأَحَد الثَّانِي لذِي الْحجَّة من سنة ثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة رَحمَه الله

<<  <  ج: ص:  >  >>