وَيَطوف على الْبَلَد من جَمِيع جهاته لتفقد رُؤَسَاء الْعَسْكَر فِي مراكزهم وَرُبمَا انْفَرد فِي طَوَافه فَطَافَ فِي بعض الْأَيَّام منتبذا عَن الْحَاشِيَة فاهتبل بَنو عبد الواد غرته حَتَّى إِذا سلك مَا بَين الْجَبَل والبلد فتحُوا أَبْوَابهَا وَأَرْسلُوا عَلَيْهِ عقبان جنودهم يحسبونها فرْصَة كَالَّتِي كَانَت ليغمراسن بن زيان فِي السعيد الموحدي واضطروه إِلَى سفح الْجَبَل حَتَّى لحق بأوعاره وَكَاد ينزل عَن فرسه هُوَ ووليه عريف بن يحيى أَمِير عرب سُوَيْد وأحس أهل المعسكر بذلك فَرَكبُوا زرافات ووحدانا وَركب ابناه الأميران أَبُو عبد الرَّحْمَن وَأَبُو مَالك وهما جنَاحا عسكره وعقابا جحافله وتهاوت إِلَيْهِم صقور بني مرين من كل جو فَانْكَشَفَتْ عَسَاكِر بني عبد الواد وولوا الأدبار منهزمين لَا يلوي أحد مِنْهُم على أحد واعترضهم مهوى الخَنْدَق فتطارحوا فِيهِ وتهافتوا على ردمه فَكَانَ الْهَالِك يَوْمئِذٍ فِيهِ أَكثر من الْهَالِك بِالسِّلَاحِ وَهلك من بني توجين يَوْمئِذٍ عمر بن عُثْمَان كَبِير الحشم وعامل جبل وانشريس وَمُحَمّد بن سَلامَة بن عَليّ كَبِير بني يدللتن وَصَاحب قلعة تاوغروت وهما مَا هما فِي زناتة إِلَى أشباه لَهما استلحموا فِي هَذِه الْوَقْعَة فحص هَذَا الْيَوْم من جناج دولة بني زيان وحطم مِنْهَا واتصل الْحصار مُدَّة من ثَلَاث سِنِين حَتَّى إِذا كَانَ السَّابِع وَالْعشْرُونَ من رَمَضَان من سنة سبع وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة اقتحم السُّلْطَان أَبُو الْحسن مَدِينَة تلمسان عنْوَة ووقف أَبُو تاشفين رَحمَه الله عِنْد بَاب قصره فِي جمَاعَة من أَصْحَابه مِنْهُم ولداه عُثْمَان ومسعود ووزيره مُوسَى بن عَليّ ووليه عبد الْحق بن عُثْمَان وَهُوَ الَّذِي كَانَ خرج على السُّلْطَان أبي الرّبيع وَبَايَعَهُ عبد الرَّحْمَن بن يَعْقُوب الوطاسي حَسْبَمَا مر فَإِنَّهُ لحق بِهِ بعد تِلْكَ الْوَقْعَة بتلمسان ثمَّ مِنْهَا إِلَى الأندلس ثمَّ حضر انْتِقَاض العزفي بسبتة سنة سِتّ عشرَة كَمَا مر ثمَّ لحق بِأبي بكر الحفصي ثمَّ نزع عَنهُ إِلَى أبي تاشفين وَاسْتمرّ عِنْده إِلَى هَذَا الْيَوْم فشهده فِي جمَاعَة من بنيه وَبني أَخِيه وَكَانُوا أحلاس حَرْب وفتيان كريهة فمانعوا دون الْقصر واستماتوا عَلَيْهِ إِلَى أَن استلحموا وَرفعت رؤوسهم على عَصا الرماح فطيف بهَا وغصت سِكَك الْبَلَد من داخلها وخارجها بالعساكر وكظت أَبْوَابهَا بالزحام حَتَّى لقد كب النَّاس على أذقانهم