وَفِي ثَانِي وَعشْرين من رَمَضَان سنة ثَمَان وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة قدمت الْحرَّة من عِنْد السُّلْطَان أبي الْحسن عَليّ بن عُثْمَان بن يَعْقُوب المريني صَاحب فاس تُرِيدُ الْحَج وَمَعَهَا هَدِيَّة جليلة إِلَى الْغَايَة نزل لحملها من الأسطول السلطاني ثَلَاثُونَ قطارا من بغال النَّقْل سوى الْجمال وَكَانَ من جُمْلَتهَا أَرْبَعمِائَة فرس مِنْهَا مائَة حجرَة وَمِائَة فَحل وَمِائَتَا بغل وجميعها بسروج ولجم مسقطة بِالذَّهَب وَالْفِضَّة وَبَعضهَا سُرُوجهَا وركبها ذهب وَكَذَلِكَ لجمها وعدتها اثْنَان وَأَرْبَعُونَ رَأْسا مِنْهَا سرجان من ذهب مرصع بجوهر وفيهَا اثْنَان وَثَلَاثُونَ بازا وفيهَا سيف قرَابه ذهب مرصع وحياصة ذهب مرصع وفيهَا مائَة كسَاء وَغير ذَلِك من القماش العالي وَكَانَ قد خرج المهمندار إِلَى لقائهم وأنزلهم بالقرافة قريب مَسْجِد الْفَتْح وهم جمع كثير جدا وَكَانَ يَوْم طُلُوع الْهَدِيَّة من الْأَيَّام الْمَذْكُورَة فَفرق السُّلْطَان الْهَدِيَّة على الْأُمَرَاء بأسرهم على قدر مَرَاتِبهمْ حَتَّى نفدت كلهَا سوى الْجَوْهَر واللؤلؤ فَإِنَّهُ اخْتصَّ بِهِ فقدرت قيمَة هَذِه الْهَدِيَّة بِمَا يزِيد على مائَة ألف دِينَار ثمَّ نقلت الْحرَّة إِلَى الميدان بِمن مَعهَا ورتب لَهَا من الْغنم والدجاج وَالسكر والجلواء والفاكهة فِي كل يَوْم بكرَة وَعَشِيَّة مَا عمهم وَفضل عَنْهُم فَكَانَ مرتبهم كل يَوْم عدَّة ثَلَاثِينَ رَأْسا من الْغنم وَنصف أردب أرزا وقنطارا حب رمان وَربع قِنْطَار سكرا وثمان فانوسيات شمعا وتوابل الطَّعَام وَحمل إِلَيْهَا برسم النَّفَقَة مبلغ خَمْسَة وَسبعين ألف دِرْهَم وَأُجْرَة حمل أثقالهم مبلغ سِتِّينَ ألف دِرْهَم ثمَّ خلع على جَمِيع من قدم مَعَ الْحرَّة فَكَانَت عدَّة الْخلْع مِائَتَيْنِ وَعشْرين خلعة على قدر طبقاتهم حَتَّى خلع على الرِّجَال الَّذين قادوا الْخُيُول وَحمل إِلَى الْحرَّة من الْكسْوَة مَا يجل قدره وَقيل لَهَا أَن تملي مَا تحْتَاج إِلَيْهِ وَلَا يعوزها شَيْء وَإِنَّمَا تُرِيدُ عناية السُّلْطَان إكرامها وإكرام من مَعهَا حَيْثُ كَانُوا فَتقدم السُّلْطَان إِلَى النشو وَإِلَى الْأَمِير أَحْمد إِن بغى بتجهيزها اللَّائِق بهَا فقاما بذلك واستخدما لَهَا السقائين والضوئية وهيأ كل مَا تحْتَاج إِلَيْهِ فِي سفرها من أَصْنَاف الحلاوات وَالسكر والدقيق والبجماط وطلبا الْحمالَة لحمل جهازها وأزودتها وَندب السُّلْطَان للسَّفر مَعهَا جمال الدّين مُتَوَلِّي الجيزة وَأمره أَن يرحل بهَا فِي مركب لَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute