للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَهُ مِنْهَا عدد مُعْتَبر ثمَّ ارتحل إِلَى سبتة لمشارفة ثغور الأندلس وَقدم عساكره إِلَيْهَا مَعَ وزيره عَسْكَر بن تاحضريت وَعقد على الجزيرة الخضراء لمُحَمد بن الْعَبَّاس بن تاحضريت من قرَابَة الْوَزير وَبعث إِلَيْهَا مدَدا من الْعَسْكَر مَعَ مُوسَى بن إِبْرَاهِيم اليريناني من المرشحين للوزارة نِيَابَة وَبلغ الطاغية خَبره فَجهز أسطوله وأجراه إِلَى بَحر الزقاق لمدافعته وتلاقت الأساطيل ومحص الله الْمُسلمين وَاسْتشْهدَ مِنْهُم أعداد وتغلب اسطول الطاغية على بَحر الزقاق فملكه دون الْمُسلمين وَأَقْبل الطاغية من إشبيلية فِي عَسَاكِر النَّصْرَانِيَّة حَتَّى أَنَاخَ بهَا على الجزيرة الخضراء مرفأ أساطيل الْمُسلمين وفرضة الْمجَاز وَرَجا أَن ينظمها فِي مَمْلَكَته مَعَ جارتها طريف وَحشر الفعلة والصناع للآلات وَجمع الْأَيْدِي عَلَيْهَا وطاولها الْحصار وَاتخذ أهل المعسكر بُيُوتًا من الْخشب للمطاولة وَجَاء السطلان أبوالحجاج بن الْأَحْمَر بعساكر الأندلس فَنزل قبالة الطاغية بِظَاهِر جبل الْفَتْح فِي سَبِيل الممانعة وَأقَام السُّلْطَان أَبُو الْحسن بمكانه من سبتة يسرب إِلَى أهل الجزيرة المدد من الفرسان وَالْمَال والقوت فِي أَوْقَات الْغَفْلَة من أساطيل الْعَدو تَحت جنَاح اللَّيْل وَأُصِيب كثير من الْمُسلمين فِي ذَلِك وَلم يغن على أهل الجزيرة ذَلِك المدد شَيْئا وَاشْتَدَّ عَلَيْهِم الْحصار وأصابهم الْجهد وَأَجَازَ السُّلْطَان أَبُو الْحجَّاج إِلَى السُّلْطَان أبي الْحسن يفاوضه فِي شَأْن السّلم مَعَ الطاغية بعد أَن أذن الطاغية لَهُ فِي الْإِجَازَة مكرا بهَا وأصدر لَهُ بعض الأساطيل فِي طَرِيقه فَصَدَّقَهُمْ الْمُسلمُونَ الْقِتَال وخلصوا إِلَى السَّاحِل بعد غص الرِّيق وَضَاقَتْ أَحْوَال أهل الجزيرة وَمن كَانَ بهَا من عَسْكَر السُّلْطَان فسألوا الطاغية الْأمان على أَن ينزلُوا لَهُ عَن الْبَلَد فبذله لَهُم وَخَرجُوا فوفى لَهُم وأجازوا إِلَى الْمغرب سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة فأنزلهم السُّلْطَان ببلاده على خير نزل ولقاهم من المبرة والكرامة مَا عوضهم بِمَا فاتهم وخلع عَلَيْهِم وَحَملهمْ ووصلهم بِمَا تحدث النَّاس بِهِ وتقبض على وزيره عَسْكَر بن تاحضريت عُقُوبَة لَهُ على تَقْصِيره فِي المدافعة مَعَ تمكنه مِنْهَا وانكفأ السُّلْطَان أَبُو الْحسن رَاجعا إِلَى حَضرته موقنا بِظُهُور أَمر الله وإنجاز وعده وَالله متم نوره وَلَو كره الْكَافِرُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>