فزحفوا إِلَى السَّاحِل وقاتلوا من صدهم عَن المَاء إِلَى أَن غلبوهم واستقوا وأقلعوا ثمَّ عصفت بهم الرّيح فِي تِلْكَ اللَّيْلَة وجاءهم الموج من كل مَكَان وتكسرت الأجفان وغرق الْكثير من بطانة السُّلْطَان وَعَامة النَّاس وَقذف الموج بالسلطان فَأَلْقَاهُ على حجر قرب السَّاحِل من بِلَاد زواوة عاري الْجَسَد مباشرا للْمَوْت وَقد هلك من كَانَ مَعَه من الْفُقَهَاء وَالْعُلَمَاء وَالْكتاب والأشراف والخاصة وَهُوَ يُشَاهد مصَارِعهمْ واختطاف الموج لَهُم من فَوق الصخور الَّتِي تعلقوا بهَا فَمَكَثُوا ليلتهم على ذَلِك وصبحهم جفن من بقيه الأساطيل كَانَ قد سلم من ذَلِك العاصف فبادر أهل الجفن إِلَيْهِ حِين رَأَوْهُ فاحتملوه وَقد تصايح بِهِ البربر من الْجبَال وتواثبوا إِلَيْهِ حِين وضح النَّهَار وأبصروه فَتَدَاركهُ الله بِهَذَا الجفن فاحتملوه وقذفوا بِهِ فِي مَدِينَة الجزائر
وَفِي نفح الطّيب أَن أساطيل السُّلْطَان أبي الْحسن كَانَت نَحْو الستمائة فغرقت كلهَا وَنَجَا هُوَ على لوح وَهلك من كَانَ مَعَه من أَعْلَام الْمغرب وهم نَحْو أَرْبَعمِائَة عَالم مِنْهُم أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن سُلَيْمَان السطي شَارِح الحوفي وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الصّباغ المكناسي الَّذِي أمْلى فِي مجْلِس درسه بمكناسة على حَدِيث يَا ابا عُمَيْر مَا فعل النغير أَرْبَعمِائَة فَائِدَة والأستاذ الزواوي أَبُو الْعَبَّاس وَغير وَاحِد وَكَانَ غرق الأسطول على سَاحل تدلس وَذكر الشَّيْخ أَبُو عبد الله الأبي فِي شرح مُسلم كَلَامه على أَحَادِيث الْعين مَا مَعْنَاهُ أَن رجلا كَانَ بِتِلْكَ الديار مَعْرُوفا بِإِصَابَة الْعين فَسَأَلَ مِنْهُ بعض الموتورين للسُّلْطَان أبي الْحسن أَن يُصِيب أساطيله بِالْعينِ وَكَانَت كَثِيرَة نَحْو الستمائة فَنظر إِلَيْهَا الرجل العائن فَكَانَ غرقها بقدرة الله الَّذِي يفعل مَا يَشَاء ونجى السُّلْطَان بِنَفسِهِ وَجَرت عَلَيْهِ محن اه
وَلما احتل بالجزائر وَقد تمسك أَهلهَا بِطَاعَتِهِ استنشق ريح الْحَيَاة ولأم الصدع وَأقَام الرَّسْم وخلع على من وصل إِلَيْهِ من قل الأساطيل واستلحق واستركب وَلحق بِهِ ابْنه النَّاصِر من بسكرة والتف عَلَيْهِ بعض الْعَرَب من أحواز الجزائر ووفد عَلَيْهِ أولياؤه من عرب سُوَيْد فَنَهَضَ إِلَى جِهَة تلمسان وَقد استولى عَلَيْهَا بَنو زيان وسلطانهم عُثْمَان بن عبد الرَّحْمَن فبرز إِلَيْهِ أَبُو ثَابت
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute