للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَوق بَين هَذِه وَتلك فِي جَمِيع عملهما وَلَيْسَ بِشَيْء من القنوات الْحَادِثَة بعدهمَا يشبههما فَعلمت أَن الَّذِي بناهما وَاحِد فَأَعْجَبَنِي كَلَامه وباحثته فِي ذَلِك فصمم على معتقده وحاولت تشكيكه بِكُل وَجه فَلم يتشكك فَظهر لي صدق دَلِيله وَغلب على ظَنِّي مَا جزم بِهِ وَعند الله علم حَقِيقَة الْأَمر

وَاعْلَم أَن هَذَا السُّور من المباني العادية والهياكل الْعَظِيمَة الَّتِي تدل على فخامة الدولة وَكَمَال قوتها مثل مَا يُقَال عَن حنايا قرطاجنة وَنَحْوهَا وَهَذَا السُّور مسوق من عُيُون الْبركَة خَارج مَدِينَة سلا على أَمْيَال كَثِيرَة ممتدا من الْقبْلَة إِلَى الْجوف على أضخم بِنَاء وأحكمه مَوْزُون سطحه بالميزان الهندسي ليَأْتِي جَرَيَان المَاء فَوْقه على اسْتِوَاء وَلذَلِك ينخفض إِلَى الأَرْض مَتى ارْتَفَعت ويعلو عَنْهَا إِذا انخفضت وَيجْرِي على مَتنه من المَاء مِقْدَار النَّهر الصَّغِير فِي سَاقيه قد اتَّخذت لَهُ وَلما شَارف الْبَلَد عظم ارتفاعه جدا لأجل انخفاض الأَرْض عَنهُ وَكلما مر فِي سيره بطرِيق مسلوك فتحت لَهُ فِيهِ أقواس فَسُمي لذَلِك سور الأقواس وَبِالْجُمْلَةِ فَهُوَ شَاهد لبانية بضخامة الدولة وَعظم الهمة

وللسلطان أبي الْحسن رَحمَه الله بفاس ومكناسة وَغَيرهمَا من بِلَاد الْمغرب آثَار كَثِيرَة فَمن آثاره بفاس بيلة الرخام الْأَبْيَض المجلوبة من المرية زنتها مائَة قِنْطَار وَثَلَاثَة وَأَرْبَعُونَ قِنْطَارًا سيقت من المرية الى مُوسَى العرائش ثمَّ طلعت فِي وَادي قصر كتامة ثمَّ حملت على عجل الْخشب تجرها الْقَبَائِل إِلَى منزل أَوْلَاد مَحْبُوب الَّذين على ضفة وَادي سبو فوسقت فِيهِ إِلَى أَن وصلت إِلَى ملتقاه مَعَ وَادي فاس ثمَّ حملت على عجل الْخشب أَيْضا يجرها النَّاس إِلَى أَن وصلت إِلَى مدرسة الصهريج الَّتِي بعدوة الأندلس ثمَّ نقلت مِنْهَا بعد ذَلِك بأعوام إِلَى مدرسة الرخام الَّتِي أَمر رَحمَه الله ببنائها جَوف جَامع الْقرَوِيين الْمَعْرُوفَة الْيَوْم بمدرسة مِصْبَاح ومصباح هَذَا هُوَ أَبُو الضياء مِصْبَاح بن عبد الله الياصلوتي الْفَقِيه الْمَشْهُور وَإِنَّمَا نسبت إِلَيْهِ لِأَن السُّلْطَان أَبَا الْحسن لما بناها كَانَ أَبُو الضياء أول من تصدى للدرس بهَا فنسبت إِلَيْهِ وَقد تقدم لنا خبر الْمدرسَة الَّتِي بناها غربي جَامع الأندلس أَيَّام أَبِيه وَأنْفق عَلَيْهَا أَكثر من مائَة ألف دِينَار وَمن آثاره بمكناسة الزَّيْتُون الزاويتان القدمى والجديدة وَكَانَ بنى القدمى

<<  <  ج: ص:  >  >>