للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي سنة خمس وَعشْرين بعْدهَا لَيْلَة الْجُمُعَة السَّادِس وَالْعِشْرين من جُمَادَى مِنْهَا دخل السَّيْل الْعَظِيم مَدِينَة فاس وَكَاد يَأْتِي عَلَيْهَا بِحَيْثُ هدم الدّور والمساجد والأسواق وَأهْلك آلافا من الْخلق حَتَّى خيف على الْبَلَد التّلف

وَفِي سنة سِتّ وَعشْرين وَسَبْعمائة انْتهى تَارِيخ ابْن أبي زرع الْمُسَمّى بالأنيس الْمغرب القرطاس فِي أَخْبَار مُلُوك الْمغرب وتاريخ مَدِينَة فاس وَمِمَّا هُوَ الْغَايَة فِي بَاب الأغراب مَا ذكره ابْن خلدون قَالَ حضر أشياخنا بِمَجْلِس السُّلْطَان أبي الْحسن وَقد رفع إِلَيْهِ امْرَأَتَانِ من أهل الجزيرة الخضراء ورندة حبستا أَنفسهمَا عَن الْأكل جملَة مُنْذُ سِنِين وشاع أَمرهمَا وَوَقع اختبارهما فصح شَأْنهمَا واتصل على ذَلِك حَالهمَا إِلَى أَن ماتتا وذكرهما أَيْضا الشَّيْخ أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن أَحْمد الْمقري فِي كِتَابه الْمُسَمّى بالمحاضرات قَالَ وَردت على تلمسان فِي الْعشْرَة الْخَامِسَة من الْمِائَة الثَّامِنَة امْرَأَة من رندة لَا تَأْكُل وَلَا تشرب وَلَا تبول وَلَا تتغوط وتحيض فَلَمَّا اشْتهر هَذَا من أمرهَا أنكرهُ الْفَقِيه أَبُو مُوسَى ابْن الإِمَام وتلى كَانَا يأكلان الطَّعَام فَأخذ النَّاس يبثون ثِقَات نِسَائِهِم ودهاتهن إِلَيْهَا فكشفوا عَنْهَا بِكُل وَجه يمكنهن فَلم يَقِفن على غير مَا ذكر وسئلت هَل تشتهين الطَّعَام فَقَالَت هَل تشتهون التِّبْن بَين يَدي الدَّوَابّ وسئلت هَل يَأْتِيهَا شَيْء فَأخْبرت أَنَّهَا صَامت ذَات يَوْم فأدركها الْجُوع والعطش فنامت فَأَتَاهَا آتٍ فِي النّوم بِطَعَام وشراب فَأكلت وشربت فَلَمَّا أفاقت وجدت نَفسهَا قد استغنت فَهِيَ على تِلْكَ الْحَال تُؤْتى فِي الْمَنَام بِالطَّعَامِ وَالشرَاب إِلَى الْآن وَلَقَد جعلهَا السُّلْطَان فِي مَوضِع بقصره وحفظها بالعدول وَمن يكْشف عَمَّا عَسى تَجِيء أمهَا بهَا إِذا أَتَت إِلَيْهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا فَلم يُوقف لَهَا على أَمر قَالَ بيد أَنِّي أردْت أَن يُزَاد فِي عدد الْعُدُول وَيضم إِلَيْهِم الْأَطِبَّاء وَمن يَخُوض فِي المعقولات من عُلَمَاء الْملَل الْمُسلمين وَغَيرهم ويوكل من نسَاء الْفرق من يُبَالغ فِي كشف من يدْخل إِلَيْهَا وَلَا يتْرك أحدا يَخْلُو بهَا وَبِالْجُمْلَةِ يُبَالغ فِي ذَلِك ويستدام رعيها عَلَيْهِ سنة لاحْتِمَال أَن يغلب عَلَيْهَا طبع فتستغني فِي فصل دون فصل ثمَّ يكْتب هَذَا فِي الْعُقُود ويشاع أمره فِي الْعَالم وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يهدم حكم الطبيعة الَّذِي

<<  <  ج: ص:  >  >>