(عَلَيْهَا من المأذي كل مفاضة ... تدافع فِي أعطافها اللجج الْخضر)
(هم الْقَوْم إِن هبوا لكشف ملمة ... فَلَا الْمُلْتَقى صَعب وَلَا المرتقى وعر)
(إِذا سئلوا أعْطوا وَإِن نوزعوا سطوا ... وَإِن واعدوا وفوا وَإِن عَاهَدُوا بروا)
(وَإِن مدحوا اهتزوا ارتياحا كَأَنَّهُمْ ... نشاوى تمشت فِي معاطفهم خمر)
(وَإِن سمعُوا العوراء فروا بأنفس ... حرَام على هاماتها فِي الوغى الفر)
(وَتَبَسم مَا بَين الوشيج ثغورهم ... وَمَا بَين قضب الدوح يبتسم الزهر)
(أمولاي غاضت فكرتي وتبلدت ... طباعي فَلَا طبع يعين وَلَا فكر)
(وَلَوْلَا حنان مِنْك داركتني بِهِ ... وأحييتني لم يبْق عين وَلَا أثر)
(فأوجدت مني فائتا أَي فَائت ... وأنشرت مَيتا ضم أشلاءه قبر)
(بدأت بِفضل لم أكن لعظيمه ... بِأَهْل فجل اللطف وانشرح الصَّدْر)
(وطوقتني النعمى المضاعفة الَّتِي ... يقبل عَلَيْهَا مني الْحَمد وَالشُّكْر)
(وَأَنت بتتميم الصَّنَائِع كافل ... إِلَى أَن يعود الجاه والعز والوفر)
(جَزَاك الَّذِي أَسْنَى مقامك رَحْمَة ... يفك بهَا عان وينعش مُضْطَر)
(إِذا نَحن أثنينا عَلَيْك بمدحة ... فهيهات يُحْصى الرمل أَو يحصر الْقطر)
(ولكننا نأتي بِمَا نستطيعه ... وَمن بذل المجهود حق لَهُ الْعذر)
ثمَّ انفض الْمجْلس وَانْصَرف ابْن الْأَحْمَر إِلَى منزله الْمعد لَهُ وَقد فرشت الْقُصُور وَقربت لَهُ الْجِيَاد بالمراكب المذهبة وَبعث إِلَيْهِ بالكسا الفاخرة ورتبت الجرايات لَهُ ولمواليه من المعلوجي وبطانته من الصَّنَائِع وانحفظ عَلَيْهِ رسم سُلْطَانه فِي الرَّاكِب والراجل وَلم يفقد من ألقاب ملكه إِلَّا الأداة أدبا مَعَ السُّلْطَان وَاسْتقر فِي جملَته إِلَى أَن لحق بعد بالأندلس وَعَاد لَهُ ملكه سنة ثَلَاث وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة وأرغد السُّلْطَان أَبُو سَالم عَيْش ابْن الْخَطِيب وأفاض عَلَيْهِ الجرايات ورتب لَهُ الإقطاعات غير أَنه كَانَ مضمرا لمفارقة السُّلْطَان والتخلي عَن خدمته والانفراد بِنَفسِهِ لاغتنام مَا بَقِي من عمره فِي طَاعَة الله تَعَالَى فَكَانَ من أمره فِي ذَلِك مَا نذكرهُ