الْمَلأ ثمَّ ثل إِلَى محبسه وتفاوضوا فِي قَتله بِمُقْتَضى تِلْكَ المقالات المسجلة عَلَيْهِ فَأفْتى بعض الْفُقَهَاء بقتْله فَدس سُلَيْمَان بن دَاوُد إِلَيْهِ بعض الأوغاد حَاشِيَته من حَاشِيَته فطرقوا السجْن لَيْلًا وَمَعَهُمْ زعانفة من أهل الأندلس جاؤوا فِي لفيف ذَلِك الْوَفْد فَقَتَلُوهُ خنقا فِي محبسه وأخرجوا شلوه من الْغَد فَدفن فِي مَقْبرَة بَاب المحروق ثمَّ أصبح من الْغَد طريحا على شافة قَبره وَقد جمعُوا لَهُ أعوادا فأضرموها عَلَيْهِ نَارا فَاحْتَرَقَ شعره واسود بشره وأعيد إِلَى حفرته وَكَانَ فِي ذَلِك انْتِهَاء محنته وَعجب النَّاس من هَذِه السفاهة الَّتِي جَاءَ بهَا سُلَيْمَان بن دَاوُد واعتدوها من هنتاته وَعظم النكير فِيهَا عَلَيْهِ وعَلى قومه وَأهل دولته
وَكَانَ ابْن الْخَطِيب رَحمَه الله أَيَّام مقَامه بالسجن يتَوَقَّع مُصِيبَة الْمَوْت فتجيش هواتفه بالشعر يبكي نَفسه فمما قَالَ فِي ذَلِك
(بَعدنَا وَإِن جاورتنا الْبيُوت ... وَجِئْنَا بوعظ وَنحن صموت)
(وأنفسنا سكنت دفْعَة ... كجهر الصَّلَاة تلاه الْقُنُوت)
(وَكُنَّا عظاما فصرنا عظاما ... وَكُنَّا نقوت فها نَحن قوت)
(وَكُنَّا شموس سَمَاء الْعلَا ... غربنا فناحت عَلَيْهَا السموت)
(فكم جدلت ذَا الحسام الظبي ... وَذُو البخت كم جدلته البخوت)
(وَكم سيق للقبر فِي خرقَة ... فَتى ملئت من كَسَاه التخوت)
(فَقل للعدا ذهب ابْن الْخَطِيب ... وَفَاتَ وَمن ذَا الَّذِي لَا يفوت)
(فَمن كَانَ يفرح مِنْكُم لَهُ ... فَقل يفرح الْيَوْم من لَا يَمُوت)
وَكَانَت نكبته رَحمَه الله أَوَائِل سنة سِتّ وَسبعين وَسَبْعمائة وَعند الله تَجْتَمِع الْخُصُوم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute