بِلَاده فخاف جرجير أَشد مِنْهُ ثمَّ أَشَارَ ابْن الزبير على ابْن أبي سرح أَن يتْرك جمَاعَة من أبطال الْمُسلمين الْمَشَاهِير متأهبين للحرب وَيُقَاتل الرّوم بباقي الْعَسْكَر إِلَى أَن يضجروا فيركبهم بالآخرين على غرَّة قَالَ لَعَلَّ الله ينصرنا عَلَيْهِم وَوَافَقَ على ذَلِك أَعْيَان الصَّحَابَة فَفَعَلُوا وركبوا من الْغَد إِلَى الزَّوَال وألحوا عَلَيْهِم حَتَّى أتعبوهم ثمَّ افْتَرَقُوا وأركب عبد الله الْفَرِيق الَّذين كَانُوا مستريحين فكبروا وحملوا حَملَة رجل وَاحِد حَتَّى غشوا الرّوم فِي خيامهم فَانْهَزَمُوا وَقتل كثير مِنْهُم وَقتل ابْن الزبير جرجير وحيزت ابْنَته سبية فنفلها ابْن أبي سرح ابْن الزبير ثمَّ حاصر ابْن أبي سرح سبيطلة فَفَتحهَا وخربها وَكَانَ سهم الْفَارِس فِيهَا ثَلَاثَة آلَاف دِينَار وَسَهْم الراجل ألفا وَبث جيوشه فِي الْبِلَاد إِلَى قفصة فَسبوا وغنموا وَبعث عسكرا إِلَى حصن الأجم وَقد اجْتمع بِهِ أهل الْبِلَاد فحاصره وفتحه على الْأمان ثمَّ صَالحه أهل إفريقية على ألفي ألف وَخَمْسمِائة ألف دِينَار
وَأرْسل ابْن الزبير بِخَبَر الْفَتْح وبالخمس إِلَى الْمَدِينَة فَاشْتَرَاهُ مَرْوَان بن الحكم بِخَمْسِمِائَة ألف دِينَار وَبَعض النَّاس يَقُول أعطَاهُ إِيَّاه عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ وَلَا يَصح وَإِنَّمَا أعْطى ابْن أبي سرح خمس الْخمس من الْغَزْوَة الأولى وانحاز الفرنجة وَمن مَعَهم من الرّوم بعد الْهَزِيمَة وَالْفَتْح إِلَى حصون إفريقية وانساح الْمُسلمُونَ فِي البسائط بالغارات وَوَقع بَينهم وَبَين أهل الضواحي من البربر زحوف وَقتل وَسبي حَتَّى لقد أَسرُّوا يَوْمئِذٍ من مُلُوك البربر صولات بن وزمار الزناتي ثمَّ المغراوي جد بني خزر مُلُوك تلمسان فَرَفَعُوهُ إِلَى عُثْمَان رَضِي الله عَنهُ فَأسلم على يَده فَمن عَلَيْهِ وَأطْلقهُ وعهد لَهُ على قومه وَيُقَال إِنَّمَا وَصله وافدا فَأكْرم وفادته وَالله أعلم
ثمَّ رغب الفرنج والبربر فِي السّلم وسألوا الصُّلْح وشرطوا لِابْنِ أبي سرح ثَلَاثمِائَة قِنْطَار من الذَّهَب على أَن يرحل عَنْهُم بالعرب وَيخرج من بِلَادهمْ فَفعل وَرجع الْمُسلمُونَ إِلَى الْمشرق بعد مقامهم بإفريقية سنة وَثَلَاثَة أشهر وَلما بلغ هِرقل ملك الرّوم أَن أهل إفريقية صَالحُوا الْمُسلمين بذلك المَال