مِنْهُ مَعَ أَن غوغاء أهل الْمغرب وقبائله المنحرفة عَن السُّلْطَان كَانُوا قد تشوقوا لقدومه عَلَيْهِم وقيامهم مَعَه فبطلت حِيلَة أبي سعيد فِي السم وَلم يحصل على طائل ثمَّ إِن ابْن الْأَحْمَر اتّفق مَعَ عبد الله على أَن يمده بالعسكر وَالْمَال ويسرحه إِلَى الْمغرب ليستولي على ملكه وَيَأْخُذ لَهُ بالثأر من أَخِيه فَقبل عبد الله ذَلِك وأمده ابْن الْأَحْمَر وسرحه إِلَى الْمغرب فَلَمَّا احتل بِهِ تبعه عدد وافر من قبائله الَّذين كَانُوا مستثقلين لوطأة أبي سعيد فَنَهَضَ إِلَيْهِ أَبُو سعيد فَكَانَت الكرة عَلَيْهِ وَرجع مفلولا فِي يسير من الْجند إِلَى فاس فتقبض عَلَيْهِ أَهلهَا وسجنوه وأعلنوا بنصر أَخِيه عبد الله وفتحوا الْبَاب فَدخل الحضرة وَاسْتولى عَلَيْهَا وَتمّ أمره وسجن أَخَاهُ أَبَا سعيد إِلَى أَن مَاتَ قَالَ وَلما اسْتَقل عبد الله بِأَمْر الْمغرب كُله هدأت الرّعية واستقامت الْأَحْوَال إِلَّا أَنه تكدر عيشه بذهاب سبتة الَّتِي استولى عَلَيْهَا طاغية البرتغال خوان الأول بعد مَا حاصرها أَشد الْحصار وَكَانَ ذَلِك على السُّلْطَان من أعظم النحوس وتكدر الْمُسلمُونَ غَايَة لفَوَات هَذِه الْمَدِينَة الْعَظِيمَة مِنْهُم ثمَّ ثَارُوا على السُّلْطَان عبد الله واعتورته رماحهم حَتَّى فاظ وَلما قتل تنَازع الْملك بعده اثْنَان من اخوته وَبعد قتال شَدِيد وَلم ينتصف أحد مِنْهُمَا من صَاحبه اتّفق أهل الْحل وَالْعقد على أَن يولوا عبد الْحق بن أبي سعيد اه كَلَام منويل وَهَذَا السُّلْطَان عبد الله الَّذِي زَاده منويل بَين أبي سعيد وَعبد الْحق لم يذكرهُ صَاحب جذوة الاقتباس وَيبعد أَن يكون هَذَا الْخَبَر الَّذِي سَاقه منويل لَا أصل لَهُ وَالله أعلم بِحَقِيقَة الْأَمر
وَمن جملَة حجاب السُّلْطَان أبي سعيد الرئيس أَبُو فَارس عبد الْعَزِيز بن أَحْمد الملياني قَالَ فِي الجذوة أَصله من زرهون وَتَوَلَّى حجابة السُّلْطَان الْمَذْكُور قَالَ فغدر مَوْلَاهُ ومخدومه وهتك ستره وَخرب دَاره وعبث بحريمه وَقتل أَوْلَاده وإخوانه وَرفع الأذناب وَحط الرؤساء وَكَانَ فَسَاد الْمغرب على يَده وَقد ذكره التاورتي فَأثْنى عَلَيْهِ قَالَ فِي الجذوة