جنوة يحمقونه وينسبونه إِلَى التهور بِمثل هَذِه الآراء فَلَمَّا لم يجد عِنْد ملك البرتغال مُرَاده تطارح على ملكة الإصبنيول وَهِي يَوْمئِذٍ إيسابيلا الشهيرة الذّكر عِنْدهم فأسعفته وَهَيَّأْت لَهُ ثَلَاث سفائن وشحنتها بِالرِّجَالِ وَالسِّلَاح والزاد وَالْمَال وَدفعت ذَلِك إِلَيْهِ فسافر بهَا كلنب فِي الْبَحْر الْمُحِيط على سمت الْمغرب حَتَّى أرسى بِبَعْض الجزائر الخالدات فأراح بهَا أَيَّامًا ثمَّ سَافر على السمت الْمَذْكُور ملججا مُدَّة من شَهْرَيْن وَلما طَال السّفر على أَصْحَابه الَّذين مَعَه أَرَادوا قَتله وبينما هم فِي ذَلِك ظَهرت لَهُ أَرض ماركان فَسَار حَتَّى أرسى بأجفانه على ساحلها فِي الْيَوْم الثَّامِن عشر من ذِي الْحجَّة سنة سبع وَتِسْعين وَثَمَانمِائَة الْمَذْكُورَة فعثر مِنْهَا على أَرض وَاسِعَة ذَات أقطار ونواحي وجبال وأنهار تفوت الْحصْر حَتَّى قيل إِنَّهَا تَسَاوِي نصف هَذَا المسكون من الأَرْض أَو تزيد وَإِذا فِيهَا خلق كثير من بني آدم كهذه إِلَّا أَنهم لم يفقهوا قَوْله وَلَا فقه قَوْلهم فَعَاد كلنب إِلَى ملكة الإصبنيول بعد أَن بنى هُنَالك حصنا وَترك بِهِ بعض الْجند وسَاق من تِلْكَ الأَرْض بعض الغرائب من حَيَوَان وَغَيره إِثْبَاتًا لمدعاه فَلَمَّا قدم على الملكة بعد مغيبه سَبْعَة أشهر وَأحد عشر يَوْمًا أعظمت قدره ونوهت باسمه وسرت بِمَا أَتَى بِهِ من ذَلِك كُله وعدت ذَلِك من سعادتها إِلَى مَا تسنى لَهَا من الظفر بِجَزِيرَة الأندلس والاستيلاء عَلَيْهَا وَتبين للفرنج حِينَئِذٍ أَن الأَرْض معمورة من كلا الْجَانِبَيْنِ لَا من جَانب وَاحِد كَمَا اعتقده الأقدمون فَحِينَئِذٍ تسارعت أجناسهم إِلَى أَرض ماركان واقتسموها واعتنوا بعمرانها وسموها الدُّنْيَا الجديدة فَكَانَت من أعظم الْأَسْبَاب فِي انتعاشهم وتقويتهم وضخامة دولهم واتساع خطط ممالكهم والأمور كلهَا بيد الله
وَمن جملَة مَا كَانَ مفقودا بِأَرْض ماركان نوع الْخَيل وَكَذَا غَيرهَا من الْحَيَوَانَات الْأَهْلِيَّة وَلما رَأَوْا الأدمِيّ رَاكِبًا على الْفرس مسرجا ظنوه قِطْعَة وَاحِدَة وَأَن الْفَارِس وفرسه حَيَوَان وَاحِد خلق على تِلْكَ الْكَيْفِيَّة إِلَى غير ذَلِك وأخبار أَرض ماركان وَكَيْفِيَّة العثور عَلَيْهَا ثمَّ التَّرَدُّد إِلَيْهَا واعتمارها بعد ذَلِك طَوِيلَة وملخصها مَا ذَكرْنَاهُ وَالله تَعَالَى الْمُوفق بمنه