انحازوا إِلَى الْأَمْصَار المنزوية عَن الْأَطْرَاف والقرى النائية عَن السواحل وَكَانَ ذَلِك كُله فِيمَا بَين انْقِرَاض دولة بني وطاس وَظُهُور دولة الشرفاء السعديين وَلَقَد ذكر فِي مرْآة المحاسن أَن قصر كتامة كَانَ فِي صدر الْمِائَة الْعَاشِرَة مقصدا للتجار وسوقا تجلب إِلَيْهِ بضائع العدوتين وسلعها قَالَ إِذْ كَانَ الْقصر الْمَذْكُور ثغرا بَين بِلَاد الْمُسلمين وَبَين بِلَاد النَّصَارَى تحط بِهِ رحال تجار الْمُسلمين من آفَاق الْمغرب وتجار الْحَرْبِيين من أصيلا وطنجة وَقصر الْمجَاز وسبتة وَلِأَنَّهُ كَانَ مَحل عناية سُلْطَان الْمغرب إِذْ ذَاك مُحَمَّد الشَّيْخ بن أبي زَكَرِيَّاء الوطاسي فَإِن الْقصر قَاعِدَة بِلَاد الهبط الَّتِي كَانَت موقد شرارة السُّلْطَان الْمَذْكُور ومشب ناره وموشج عصبيته مَعَ مجاورته لبلاد الْحَرْب فَكَانَ نظره مصروفا إِلَيْهِ واختصاصه مَوْقُوفا عَلَيْهِ وَتقبل بنوه من بعده مذْهبه فِيهِ اه كَلَامه فَهَذَا يدلك على مَا كَانَ عَلَيْهِ الْعَدو خذله الله من المضايقة للْمُسلمين فِي ثغورهم وبلادهم وَللَّه الْأَمر من قبل وَمن بعد
وَلما نزل بِأَهْل الْمغرب الْأَقْصَى مَا نزل من غَلَبَة عَدو الدّين واستيلائه على ثغور الْمُسلمين تباروا فِي جهاده وقتاله وأعملوا الْخَيل وَالرجل فِي مقارعته ونزاله وتوفرت دواعي الْخَاصَّة مِنْهُم والعامة على ذَلِك وصرفوا وُجُوه الْعَزْم لتَحْصِيل الثَّوَاب فِيمَا هُنَالك فكم من رَئِيس قوم قَامَ لنصرة الدّين غيرَة واحتسابا وَكم من ولي عصر أَو عَالم مصر بَاعَ نَفسه من الله وَرَأى ذَلِك صَوَابا حَتَّى لقد اسْتشْهد مِنْهُم أَقوام وَأسر آخَرُونَ وَبلغ الله تَعَالَى جَمِيعهم من الثَّوَاب مَا يرجون فَمن اسْتشْهد مِنْهُم فِي سَبِيل الله سَيِّدي عِيسَى ابْن الْحسن المصباحي دَفِين الدعداعة بِأَرْض البروزي من بِلَاد طليق وَأَبُو الْحسن عَليّ بن عُثْمَان الشاوي من أَصْحَاب الشَّيْخ أبي مُحَمَّد الغزواني وَأَبُو الْفضل فرج الأندلسي ثمَّ المكناسي وَأَبُو عبد الله مُحَمَّد القصري الْمَعْرُوف بسقين قَتله النَّصَارَى عِنْد ضريح الشَّيْخ أبي سلهام وَكَانَ قد قَصده للزيارة ففتكوا بِهِ هُنَالك وكل هَؤُلَاءِ مَعْدُود فِي أَوْلِيَاء الله تَعَالَى وَمِمَّنْ أسر مِنْهُم ثمَّ خلصه الله الشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد عبد الله بن ساسي دَفِين تانسيفت من أحواز مراكش وَالشَّيْخ أَبُو مُحَمَّد عبد الله الكوش دَفِين جبل الْعرض من أحواز
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute