للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَخُوهُ الْمُتَوَلِي بعده أَبُو عبد الله مُحَمَّد الشَّيْخ سنة ثَلَاث وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة على مشرع أبي عقبَة من وَادي العبيد انهزم السُّلْطَان أَبُو الْعَبَّاس الوطاسي وَتَفَرَّقَتْ جموعه وتبعته الْخَيل فكادوا يقبضون عَلَيْهِ فَحَضَرَ هُنَالك رجل على فرس أُنْثَى فَجعل يحول بَينه وَبينهمْ وَيَقُول لَهُ سر يَا أَحْمد وَلَا تخف وَلم يزل مَعَه إِلَى أَن رجعُوا عَنهُ وَأمن الطّلب وَقد عرف السُّلْطَان صفته وتحققها وَلم يزل يسْأَل عَن صَاحب تِلْكَ الصّفة حَتَّى قيل لَهُ هَذِه صفة أبي طَلْحَة المصباحي وَتحقّق ذَلِك وَلما كَانَ خُرُوج السُّلْطَان الْمَذْكُور الَّذِي وصل فِيهِ تطاوين وَتزَوج بهَا الْحرَّة بنت الْأَمِير السَّيِّد أبي الْحسن عَليّ بن مُوسَى ابْن رَاشد الشريف وَذَلِكَ فِي ربيع الأول سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَتِسْعمِائَة وبتطاوين بنى بهَا وَقصد أَبَا طَلْحَة الْمَذْكُور وَنزل عَلَيْهِ فَلَمَّا رَآهُ عرفه وأيقن أَنه الرجل الَّذِي أغاثه فأكب عَلَيْهِ السُّلْطَان وَذكر مَا وَقع لَهُ مَعَه فَقَالَ الشَّيْخ يَا رب كَيفَ الْعَيْش مَعَ هَذِه الشُّهْرَة فاقبضني إِلَيْك فَمَاتَ عقب ذَلِك من سنته قَالَ فِي الْمرْآة سَمِعت هَذِه الْحِكَايَة من غير وَاحِد وَسَأَلت شَيخنَا أَبَا الْقَاسِم بن أبي طَلْحَة الْمَذْكُور فَقَالَ لي أَعقل مَجِيء السُّلْطَان وَأَنا صَغِير جدا أقعد فِي حجر أبي وَعند ركبته اه قلت والأمير أَبُو الْحسن بن رَاشد الْمَذْكُور هُوَ الَّذِي اختط مَدِينَة شفشاون كَمَا مر وَذكر فِي الْمرْآة أَن وَفَاته كَانَت سنة سبع عشرَة وَتِسْعمِائَة فَيكون السُّلْطَان الْمَذْكُور إِنَّمَا تزوج ابْنَته بعد وَفَاته وَلَعَلَّه خطبهَا من أَخِيهَا الْأَمِير أبي عبد الله مُحَمَّد بن أبي الْحسن وَالله أعلم

وَاعْلَم أَن مَا سلكناه هُنَا من تَقْدِيم قَضِيَّة الصُّلْح على وقْعَة أبي عقبَة هُوَ مَا يَقْتَضِيهِ التَّارِيخ الَّذِي صَرَّحُوا بِهِ وَسَيَأْتِي بعد هَذَا مَا رُبمَا يفهم مِنْهُ أَن الْأَمر بِالْعَكْسِ وَالْجَوَاب أَن قَضِيَّة الصُّلْح تَكَرَّرت حَسْبَمَا يُؤْخَذ مِمَّا مر وَالله أعلم وَفِي هَذِه السّنة أَيْضا عقد السُّلْطَان أَبُو الْعَبَّاس الوطاسي مَعَ برتقال آسفي صلحا على ثَلَاث سِنِين وَدخل فِي هَذَا العقد آسفي والجديدة وآزمور وَكتب البرتغال بذلك إِلَى ملكهم وَوَقعت المحادة فِي الْبِلَاد وتفرغ الوطاسي لقِتَال السعديين

<<  <  ج: ص:  >  >>