(وهمتنا الْعليا بدين مُحَمَّد ... وَقد جعل الرَّحْمَن همتك السُّفْلى)
فَلَعَلَّ الشَّيْخ كتب لأهل فاس بالبيتين الْأَوَّلين والوانشريسي كَانَ مطلعا على الْقَضِيَّة فَأَجَابَهُ بجوابهما
وَلما بلغ ذَلِك السُّلْطَان الشَّيْخ حقد على الوانشريسي ودس إِلَى جمَاعَة من المتلصصة بِأَن يأخذوه ويأتوا بِهِ إِلَى محلته مَحْبُوسًا من غير قتل وَكَانَ الشَّيْخ عبد الْوَاحِد يقْرَأ صَحِيح البُخَارِيّ بِجَامِع الْقرَوِيين بَين العشاءين وينقل عَلَيْهِ كَلَام ابْن حجر فِي فتح الْبَارِي ويستوفيه لِأَنَّهُ شَرط الْمحبس فَقَالَ لَهُ ابْنه يَا أَبَت إِنِّي قد سَمِعت أَن اللُّصُوص أَرَادوا الفتك بك فِي هَذِه اللَّيْلَة فَلَو تَأَخَّرت عَن الْقِرَاءَة فَقَالَ لَهُ الشَّيْخ أَيْن وقفنا البارحة قَالَ على كتاب الْقدر قَالَ فَكيف نفر من الْقدر إِذا اذْهَبْ بِنَا إِلَى الْمجْلس فَلَمَّا افترق الْمجْلس خرج الشَّيْخ عبد الْوَاحِد من بَاب الشماعين أحد أَبْوَاب الْمَسْجِد الْمَذْكُور فثار بِهِ اللُّصُوص وَأَرَادُوا حمله فَأخذ بِإِحْدَى عضادتي الْبَاب فَضرب أحدهم يَده فقطعها وأجهز عَلَيْهِ الْبَاقُونَ فَقَتَلُوهُ بِبَاب الْمَسْجِد الْمَذْكُور فِي السَّابِع وَالْعِشْرين من ذِي الْحجَّة سنة خمس وَخمسين وَتِسْعمِائَة
قَالَ الشَّيْخ المنجور فِي فهرسته واشتهر عَن الْفَقِيه الصَّالح أبي عبد الله مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْمَدْعُو بِأبي شامة أَنه رأى الشَّيْخ عبد الْوَاحِد فِي الْمَنَام بعد مَقْتَله فَسَأَلَهُ عَن حَاله فَأَنْشَأَ يَقُول