توفّي الْفَقِيه الْمَذْكُور وَذَهَبت مَعَ وَلَده صَبِيحَة تِلْكَ اللَّيْلَة الَّتِي توفّي بهَا لنخبر السُّلْطَان بوفاته وَجَدْنَاهُ يقْرَأ ورده بحمام المريني فَخرج السُّلْطَان إِلَيْنَا وَهُوَ يبكي بِصَوْت عَال يفزع من سَمعه حَتَّى رَأينَا مِنْهُ الْعجب وَمَا سكت إِلَّا بعد مُدَّة لما كَانَ يعلم مِنْهُ من صِحَة الدّين والنصح لخاصة الْمُسلمين وعامتهم وَحضر جنَازَته وَكَانَت وَفَاته رَحمَه الله سنة تسع وَخمسين وَتِسْعمِائَة وللسلطان الْمَذْكُور عدَّة أَشْيَاخ غير هَؤُلَاءِ
وَمن وزرائه الرئيس أَبُو الْحسن عَليّ بن أبي بكر آصناك الحاحي وَأَبُو عمرَان مُوسَى بن أبي جمدي الْعمريّ وَغَيرهم
وَمن قُضَاته بفاس أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد الخصاصي وبمراكش أبوالحسن عَليّ بن أبي بكر السكتاني رحم الله الْجَمِيع
وَكَانَ للسُّلْطَان أبي عبد الله الشَّيْخ عدَّة أَوْلَاد نجباء وَمن أنجبهم أَبُو عبد الله مُحَمَّد الْمَعْرُوف بالحران الْقَتِيل على تلمسان وَمِنْهُم أَبُو مُحَمَّد عبد الله الْغَالِب بِاللَّه وَأَبُو مَرْوَان عبد الْملك الْغَازِي وَأَبُو الْعَبَّاس أَحْمد الْمَنْصُور وَهَؤُلَاء الثَّلَاثَة ولوا الْأَمر بعد أَبِيهِم وَمِنْهُم الْوَزير أَبُو مُحَمَّد عبد الْقَادِر وَتُوفِّي فِي حَيَاة أَبِيه سنة تسع وَخمسين وَتِسْعمِائَة
وَفِي نشر المثاني أَنه قتل مخنوقا بِأَمْر أَخِيه عبد الله الْغَالِب بِاللَّه سنة خمس وَسبعين وَتِسْعمِائَة فَالله أعلم وَمِنْهُم عُثْمَان وَعبد الْمُؤمن وَعمر وَغَيرهم
قَالَ المنجور فِي فهرسته حضرت يَوْمًا مجْلِس أَمِير الْمُؤمنِينَ أبي عد الله الشَّيْخ وَقد حضر عِنْده أَوْلَاده الصناديد الْأُمَرَاء الْمولى مُحَمَّد الحران وَالْمولى عبد الْقَادِر وَالْمولى عبد الله فَدخل شَيخنَا الإِمَام أَبُو عبد الله اليستني فَلَمَّا نظر إِلَيْهِم حول أَبِيهِم أنْشد بَيت تَلْخِيص الْمِفْتَاح
(فَقلت عَسى أَن تبصريني كَأَنَّمَا ... بنى حوالي الْأسود الحوارد)
فأعجب ذَلِك السُّلْطَان وَأَوْلَاده رَحْمَة الله عَلَيْهِم